رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نظرة على بيان الميزانية

أصدرت وزارة المالية بيانها السنوي عن ميزانية العام المالي 1438/1437هـ 2016م. وتضمن البيان أهم التطورات المالية شبه الفعلية للعام المالي 2015م، وخطط وتوقعات الوزارة للعام المالي 2016م.
وما زالت النتائج النهائية للعام المالي 2015م غير مكتملة، حيث سيستمر الصرف من بعض بنود الميزانية لفترة من الوقت، كما أن العام المالي لا ينتهي إلا بنهاية شهر ديسمبر، ولهذا فإن تقديرات الصرف والإيراد الفعلي للعام المالي 2015م شبه مؤكدة ولكنها غير نهائية.

التطورات المالية لعام 2015
قدرت ميزانية العام المالي 2015م وصول إجمالي الإنفاق الحكومي خلال عام 2015م إلى 860 مليار ريال، أما بيان ميزانية 2016م فذكر أن إجمالي المصروفات الحكومية خلال العام المالي 2015م سيصل إلى نحو 975 مليار ريال، كما ذكر البيان أن هذه المصروفات لا تشمل مبلغ 22 مليار ريال تم صرفه من الحسابات المخصصة للصرف على مشاريع البرامج الإضافية، التي تشمل الإسكان والنقل العام.
وعلى الرغم من أن وزارة المالية لا تدخل هذا المبلغ في إجمالي المصروفات العامة لعام 2015م إلا أنه جزء من إجمالي الإنفاق الحكومي، ولهذا فإن إجمالي الإنفاق الحكومي خلال عام 2015م هو 997 مليار ريال، أو نحو تريليون ريال. وتراجع الإنفاق الحكومي في عام 2015م بنحو 14.5 في المائة من مستواه القياسي في عام 2014م والبالغ 1140 مليار ريال.
من جهة أخرى، لو تم تضمين الإنفاق على البرامج الإضافية في إجمالي الإنفاق خلال العام الحالي لكان تراجع الإنفاق الحكومي في عام 2015م بحدود 12.5 في المائة عن نظيره في عام 2014م.
وعلى الرغم من تراجع إجمالي الإنفاق السنوي إلا أنه كان أعلى مما خطط له في ميزانية عام 2015م. وتضمن بيان وزارة المالية عن ميزانية 2016م تفسيرات لتجاوز إجمالي النفقات في عام 2015م عن المخطط لها، كما تضمن ولأول مرة تفاصيل عن الإيرادات الأخرى، ما يظهر مزيدا من الشفافية عن التطورات المالية وهو أمر جيد.
ويتأثر الإنفاق الفعلي للميزانية بتطورات الإيرادات النفطية، التي تحددها إلى درجة كبيرة تقلبات أسعار النفط الخام. وتميل الدولة لإنفاق أكثر مما هو مخطط في الميزانيات عندما تتحسن أسعار النفط، ولكنها تتحفظ كثيرا في إنفاقها عند تتراجع أسعار النفط.
ولسوء الحظ شهد عام 2015م تراجعا في أسعار النفط فاق توقعات معظم المختصين. وقد أدى تراجع أسعار النفط إلى خفض كبير في إيرادات الدولة النفطية الفعلية خلال عام 2015م، حيث فقدت نحو نصف مستوياتها مقارنة بالعام الذي قبله. وقد أجبر التراجع الكبير في الإيرادات النفطية - خصوصا في الأشهر الأخيرة – الدولة على اتخاذ إجراءات احترازية للتكيف مع الوضع الجديد من خلال الحد من النفقات والعودة إلى إصدار السندات.
ولم يتوقع معظم المحليين في بداية عام 2015م أن تتراجع أسعار النفط إلى المستويات المنخفضة التي تشهدها خلال النصف الثاني من عام 2015م.
وكانت تقديرات إيرادات الميزانية للعام المالي 2015م بنيت على متوسط أسعار نفط في حدود 65 دولارا للبرميل. وخلافا لتوقعات الميزانية وتوقعات معظم المحليين في ذلك الوقت تراجعت متوسطات أسعار النفط بمعدلات قوية خلال العام، وتدنى متوسط أسعار النفط العربي الخفيف إلى نحو 51 دولارا للبرميل في الأحد عشر شهرا الأولى من عام 2015م. وقد تراجعت أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة ما سيتسبب في تراجع متوسط سعر النفط العربي الخفيف السنوي إلى مستويات قريبة من 50 دولارا للبرميل في عام 2015م.
وهذا يقل بنحو 44 دولارا للبرميل عن متوسط أسعار 2014م. وقد أدى الانخفاض الكبير في أسعار النفط إلى تراجع مماثل في الإيرادات النفطية الحكومية من نحو 913 مليار ريال في عام 2014م إلى نحو 445 مليار ريال في عام 2015م، وهذا يمثل تراجع بنحو 51.3 في المائة.
وقاد الانخفاض الكبير في الإيرادات النفطية إلى الحد من الميل الكبير لزيادة النفقات فوق المستويات المخطط لها في الميزانية، خصوصا خلال النصف الثاني من العام المالي، وإضافة إلى ذلك قاد إلى نمو كبير في العجز المالي من 145 مليار دولار كما هو مخطط له في الميزانية إلى نحو 367 مليار ريال كما ورد في بيان ميزانية 2016م، ولو أضيفت المبالغ المصروفة من حسابات المشاريع الإضافية لوصل العجز المالي إلى نحو 389 مليار ريال أو نحو 15.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015.
ونجحت الدولة في زيادة الإيرادات غير النفطية بقوة في عام 2015م، ولكن صغر حجمها النسبي لم يؤثر كثيرا في إجمالي الإيرادات أو حجم العجز المالي. واعتمدت الدولة على السحب من احتياطاتها المالية لدى مؤسسة النقد العربي السعودي لتغطية معظم العجز المالي، ولكنها اقترضت من السوق المحلية 98 مليار ريال أو أكثر بقليل من ربع العجز المالي. وكان باستطاعة القائمين على السياسة المالية تغطية كل العجز من خلال الاقتراض أو بالسحب من احتياطات الدولة المالية ولكنهم آثروا استخدام مزيج من الطريقتين لخفض سرعة استنزاف احتياطات الدولة المالية، ولتجنب منافسة القطاع الخاص في سوق الائتمان لو لجئوا للاقتراض وحده.

سياسات وتوقعات الميزانية لعام 2016
قدرت إيرادات الدولة العامة للعام المالي 2016م بنحو 513.8 مليار ريال، ولم توضح أي تفاصيل عن تقديرات الإيرادات النفطية وغير والنفطية. وكانت الإيرادات غير النفطية قد بلغت 163.5 مليار ريال في عام 2015م، ولهذا من المتوقع ألا تقل الإيرادات غير النفطية عن المحصل فعليا في عام 2015م. من جهة أخرى، تطرق بيان الميزانية إلى حزمة من الإصلاحات المالية والهيكلية، التي تتضمن زيادة خصخصة الاقتصاد، ومراجعة الدعم الحكومي بما في ذلك الدعم المقدم لمنتجات الطاقة، ومراجعة الرسوم الحالية واستحداث رسوم جديدة وإمكانية تطبيق ضريبة القيمة المضافة. وستقود هذه الإصلاحات إلى رفع الإيرادات غير النفطية في 2016م. ولهذا فإن تحقيق نمو للإيرادات الأخرى بنسبة 10 في المائة فقط سيرفع حجمها خلال العام المالي 2016م إلى نحو 180 مليار ريال.
وفي حالة بلوغ الإيرادات الأخرى هذا المستوى، فإن تقديرات الإيرادات في بيان الميزانية تشير إلى تراجع واضح في حجم الإيرادات النفطية إلى نحو 330 مليار ريال. وهذه التقديرات تفترض بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة تصل إلى 38 دولارا للبرميل. وهو افتراض واقعي في ظل الأسعار الحالية، ولكن الأسعار المستقبلية في أسواق النفط العالمية تشير إلى تحسن الأسعار بعض الشيء في النصف الثاني من عام 2016م. ويبدو أن توقعات الإيرادات النفطية متشائمة بعض الشيء.
وتشير تقديرات الميزانية إلى أن مصروفات العام المالي 2016م ستكون بحدود 840 مليار ريال. وكالعادة لن تشمل هذه المصروفات بعض النفقات على مشاريع معينة كمشاريع الإسكان والنقل العام، ولهذا فإن الإنفاق الفعلي خلال العام المقبل سيكون أعلى من هذا الرقم، وكما هو العادة في السنوات الماضية. ولا توحي بيانات الإنفاق التقديري للعام 2016م بأي خفض فعلي عن مستويات الإنفاق في 2015م. وبناء على ذلك فلا يتوقع أن يحدث تغيرا كبيرا في سياسة الإنفاق الحالية على الرغم مما ورد في بيان الميزانية من إصلاحات بخصوص الإنفاق.
واستمرار الإنفاق على مستوياته التاريخية ضروري لتحفيز النمو الاقتصادي، فالإنفاق الحكومي هو القاطرة التي تجر عربات الاقتصاد الوطني، وأي خفض كبير في مستويات الإنفاق سيقود إلى تراجع في النمو الاقتصادي. وهذا لا يقلل من أهمية الاستمرار في إصلاح سياسات الإنفاق وزيادة كفاءة الإنفاق وتوجيهه لأكثر القطاعات أهمية لرفاهة شعب هذه البلاد الكريمة، خصوصا الخدمات الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية. ورد في بيان الميزانية تقديرات عن العجز المالي لعام 2016م ولكن لم توضح خطط تمويل هذا العجز. ومن المقرر أن يبلغ العجز المالي 320.2 مليار ريال في عام 2016م.
ومستوى العجز يقل بنحو 12.8 في المائة عن مستواه في عام 2015م حسب بيان الميزانية. وسيمول جزء من العجز عن طريق السحب من احتياطيات الدولة المالية. وقد ورد في البيان أنه سيتم تمويله وفق خطة تراعي أفضل خيارات التمويل المتاحة بما في ذلك الاقتراض المحلي والخارجي، مع أن لدى الدولة احتياطيات مالية كبيرة كما أن هناك سيولة عالية في الاقتصاد الوطني يمكن أن توفر كل متطلبات اقتراض الدولة الإضافية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي