لا يكون التحول إلا بـ 6

الموضوع طويل لكنني سأتناوله باختصار شديد. وأصل العنوان مأخوذ من شعر للإمام الشافعي:

أخي لن تنال العلم إلا بستة ...
سأنبيك عن تفصيلها ببيان
ذكاء وحرص واجتهاد وبلغة ...
وصحبة أستاذ وطول زمان
والبلغة الموارد التي تكفي احتياجات الراغب في التعلم.
بالمثل لن يتحقق التغيير أو تحويل اقتصادنا إلى اقتصاد أقل اعتمادا على النفط وأكثر تطورا إلا بتحقيق متطلبات أساسية قبلية أي تسبق التحول. وإلا فكل دولة نامية لديها رغبة في التغيير والتحول، لكن من نجح قليل.
ما هذه المتطلبات؟ كتب عنها الكثير الذي يتوزع بين كتب ودراسات ومحاضرات، وتختلف الآراء بين موسع ومضيق. وأرى خلاصتها في ستة: 1 - رؤية 2 - موارد 3 - إدارة مشروع (لأن التحول مشروع) 4 - خطة تنفيذ 5 - مهارات 6 - حوافز.
vision, resources, project management, action plan, skills and incentive.
توافر في السنوات الماضية متطلبان فقط، الرؤية والموارد. طرحت عبر السنوات الـ 15 الماضية رؤى كثيرة لتنمية وتطوير الاقتصاد تحت مسميات مختلفة، بل سبقت هذه الدراسات خطط التنمية. وتتضمن كل رؤية مدة للتنفيذ أو ما عبر عنه الشافعي بطول زمان.
لم تتوافر بقية المتطلبات. أهم هذه المتطلبات وجود إدارة مشروع تتوافر فيها الصلاحية مع كفاءة وحرص، وبفقد هذه الإدارة فقدت بقية المتطلبات.
ما الوضع والتوقعات المطلوبة الآن؟ ألخصها في نقاط:
• لدينا، كما قلت سابقا، عدة رؤى، وآخرها تقرير ماكنزي، ديسمبر 2015. ويتبع هذه الرؤى ما بني عليها من تحليلات ونقاشات. وتحقق الآن وجود مدير مشروع ذي صلاحيات وأهلية وحرص هو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
• خلاف مدير المشروع، لابد من إدارة للمشروع يعتمد عليها المدير في الإشراف على وملاحقة التنفيذ. وهذه الإدارة ينبغي أن تكون عالية الكفاءة مهنيا وعمليا، وتتولى الإشراف القوي على إنجاز المشروع، ولها كل الصلاحيات التي تمكنها من القيام بعملها. وطبعا لابد من تنظيم جيد لإدارة المشروع وعملها.
• ربما للغرض السابق أن يعاد بناء وزارة التخطيط لتصبح هيئة مهمتها إدارة المشروع، وتنقل مكانيا بحيث تكون على اتصال مباشر وقريب بمدير المشروع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية.
• من أولويات إدارة المشروع صياغة خطة عمل action plan مفصلة، وهذا عمل شاق.
• هناك مشكلة انخفاض المستوى المهني والأدائي في البلاد عامة والجهاز الحكومي خاصة، وهذا الانخفاض يؤثر سلبا في نجاح جهود إدارة المشروع، لأن هذه الإدارة لن تعمل لوحدها بل ستتعامل مع الأجهزة الحكومية وغير الحكومية.
• مطلوب خطوات فعالة لرفع المستوى المهني في القطاعين الخاص والعام. كما مطلوب رفع مستوى الأداء في الجهاز الحكومي خاصة. وهذا التطوير سينعكس على مهارات وأداء القطاع الخاص.
• التطوير السابق له صلة ببرامج التعليم سواء العام أو المهني والحرفي. وله صلة بسياسات الدوام والتقييم والترقيات والإجازات وغيرها في القطاعين العام والخاص وسياسات الاستقدام ونظام الإقامة.
• يرتبط بتطوير الإدارة الحكومية موضوع الحوافز والحرص. كيف؟ على قيادات الإدارة الحكومية وأهل الحل والعقد في البلد عامة وإدارة المشروع خاصة صناعة تفهم لدى الموظف الحكومي ولدى المواطنين عامة للأوضاع الحالية بإيجابياتها وسلبياتها وصناعة شعور عميق وقناعة قوية بمسؤولية الجميع تجاه تغييرها، ومتطلبات التحول ومدى أهميته للأجيال القادمة. والقدوة تلعب دورا كبيرا في تحقيق هذه العناصر، لأن الناس تتأثر كثيرا بسلوكيات من يقودها.
• يرتبط أيضا معالجة ما يمكن أن يسمى آثار طفرات النفط في نظرتنا وثقافتنا نحن السعوديين للعمل، وهذه النقطة ذات شجون.
الكلام طويل، ولمن يرغب في الاستزادة أطرح أمثلة مصادر:
• إدارة الإصلاح الاقتصادي: رؤية في الخطوات التنفيذية الأولى، صالح السلطان، المجلة الاقتصادية السعودية، العدد 17، صيف 2004.
• مستقبل دولة الرفاه الاجتماعي في المملكة العربية السعودية، ماجد المنيف، المجلة الاقتصادية السعودية، العدد 12، ربيع 2003.