سبقتهم يا يحيى
ظهرت بادرة جميلة من رابطة دوري المحترفين السعودي حين أقرت أداء السلام الملكي قبل كل مباراة في دوري عبداللطيف جميل، فالتربية لا تأتي إلا بالتحفيز وغرس القيم الإيجابية، ما يسهم بطرد ضدها السلبي.. الخطوة التي تأخرت كثيرا فتحت بابا للإبداع العاطفي تجاه الوطن ممثلة برجال الأمن، فمن لطف حسين المقهوي وأريحيته الظاهرة مع رجل الأمن في لقاء فريقه مع القادسية في لقطة صفاء وعرفان وشكر، جسدها تصرف اللاعب بعفوية صادقة لتكتمل روعة المشهد بتقديم الورد من لاعبي هجر للحاضرين من رجال أمننا الأشاوس، في سابقة لم تزدهم إلا رقيا بذائقة الوطن، لن أسأل لماذا أشرقت شمس اللطف منتصف الموسم، ولن أحتاج لاستفهام أين بقية اللوحة الجميلة من الأعمال التي تأتي مرادفة لكرة القدم بين الشوطين أو قبل بداية المباراة، لنفهم أنها من فكرة وليدة ظرف معين ولم تكن نتاج تخطيط وترتيب للعمل منذ وقت مبكر، فلعل لجان الاتحاد السعودي تمتلك الشجاعة وتبادر بفتح الباب للفكر الإبداعي سواء من المنزط بهم العمل أو تستقيها ممن لهم اهتمام ويحملون الجديد المفيد من الخطط والأفكار الإبداعية، ففتح الباب لرعايتها وتقديمها من خلال أنشطة ومسابقات الاتحاد السعودي يكسبها بعدا اجتماعيا ووطنيا يسهم في رقيه ورفع مستوى المشاركة الاجتماعية فيه، ولا سيما أن اتحاد القدم يسعى لمثل هذا التوجه.
غرس المبادئ والقيم يأتي من المدرسة والبيت أولا، وباقي المؤسسات الحكومية والأندية تأتي كجهد مساند ومرادف، وما زالت صورة الاستاذ يحيى أبو مارقة وهو يجمع طلاب المدرسة قبل عقد من الزمن أو أكثر يردد معهم النشيد الوطني بحماس وحرص، في وقت لم يكن أحد ليحفل بهذا التصرف أو يعطيه بعضا من الاهتمام، ما جعلني أقف مساندا ومعجبا بفتى الجنوب الذي شرب وتشرب حب الوطن في داخله ونشره وردا ورياحين عطّر أريجها المدرسة كلها، فها هي رسالتك يا أبو يزن وصلت ولم تعد حصة التربية الرياضية أو طابور الصباح في المدرسة متنفسا ونافذة يطل منها عشق الوطن على فؤاد الشاب السعودي فحسب، بل باتت مدرجات الملاعب السعودية وملاعبها الخضراء تعانق هذا العشق في كل نزال ومع كل مناسبة رياضية، فطلاب “بدائع الضبطان” الذين رأوا منك ذلك الحماس والحرس في عملية تربوية هدفها الغراس المثمر لهدف سام، ها هم يشاهدون الرياضيين كلهم يرددون مثل ما كنت تفعل معهم كل صباح، ويقولون لقد سبقنا الزمن بفعل مفكر أبدع بنسج فكرته وغلفها بعزيمة الإصرار لتنفيذها فأورقت الأغصان وأينع الثمر.
هذا نموذج عايشت جزءا من فصوله لم يكن لي منه سوى الإعجاب والثناء، فكم من مبدع في المجتمع يبحث عن فرصة ليظهر ما في جعبته، وكم من صاحب فكرة خلاقة يريد أن ترى النور وتلامس مساء الإبداع، فهل نرى مسابقة للأفكار الجميلة أو التطويرية من أي لجنة، فهذا الدكتور عبداللطيف بخاري عضو اتحاد القدم السعودي، يضع المجهر على بعض الخطأ والقصور، ففي مقابلة له مع قناة سكاي نيوز العربية قال “إن المجتمع الرياضي السعودي يحتاج لغرس مفهوم الثقافة الرياضية”، فهلا فتحتم الباب ليدخل الفكر الجديد، وهلا مددتم لهم يدا لنمضي سويا لرحاب رياضة نشكل ميدانها وثقافتها بخصوصية ومبادئ تعزز ما نريد وتطرد من أذهان الشباب أفكارا سلبية نمقتها ولا نحبها.