جلد الحكام .. مستمر
لا يخرج ما يحدث من تعدٍّ على الحكام في المباريات التي تقام في دوري المناطق أو الفئات السنية أو حتى في دوري الدرجة الأولى، عما يحدث في دوري عبداللطيف جميل من احتقان وتشكيك في الذمم واتهامات ببيع هذه المباراة أو تساهل في أخرى, غير أن سطوة النظام والإعلام المرئي الذي يغطي كل جنبات الملعب يحد من هذه الظاهرة، إضافة إلى وجود مصورين كثر من عدة مؤسسات إعلامية يلتقطون الصور من هنا وهناك؛ لذا فما لا تقدمه كاميرات الشركة الناقلة تلتقطه الكاميرات المحمولة صغر أو كبر حجمها، ولنا في هذا عبر ونماذج ما زالت حديث الساعة, ولذا نرى حين تصل الأحداث إلى حد معين ينفلت زمام رباطة الجأش والحكمة المصطنعة؛ فيحصل للحكم نصيب من الجلد المستمر، ويظهر من خلال الازدراء بالشكل أو الأمانة أو حتى التهديد المبطن، بخلاف كتيبة الحرس الإعلامي التي يتخذ كل واحد منهم زاوية ومكانا للهجوم وترسيخ صورة الظالم المتسلط على هذا الحكم أو ذاك, فلا يمكن أن نصدق أن ما يحدث في مسابقات الظل هو بمعزل عن تأثير الصوت الإعلامي بكل وسائله؛ لأن من هم أقل في الدرجة وفقاً لتصنيف المسابقات لهم فؤاد معلق وهوى جامح بفريق يصارع أندية دوري جميل، ومع الزخم الإعلامي الكبير الذي يناقش قضاياه وكثرة المحللين لأخطاء الحكام وفق "أصاب وأخطأ"، بعد أن تنفض الحفلة بغصة وغبن لحقا أحد المتباريين عندها لتبدأ لعبة المصالح المشتركة لهذا مع عشقه وضرب تحت الحزام لمن لا ينقاد الخاطر له إلا غصبا.
هذه هي الحكاية كبت وضغط ومحاولة تفريق في الدرجات العليا من مسابقات كرة القدم يقابلها نظام انضباطي وتسليط إعلامي خفف حدة آثاره الساخطة والضرب والركل والرفس فاستبدلوه بمفردات إعلامية أو نفوذ غير ظاهر، فلماذا نلوم؟ فهل نحن لا نحسن سواه أم تُرانا أهملنا في ظل الشح المادي بقية المسابقات، وأصبحت المسابقات ثوباً فضفاضاً يسقط صاحبه كونه لبس ثوباً لا يستطيع السير به فتثاقلت أوزانه مع إزاره حتى سقط كتف الرجل عن حمل أثقال لا قبل له بها, هل حان وقت مراجعة عدد الأندية وجدواها الرياضية والتنافسية؟ وهل تحولت من ميدان للتنافس وتخريج كفاءات رياضية تغذي المنتخبات إلى صراعات يتم من خلالها تكريس الجغرافيا والتاريخ بشكل مثير للاحتقان, فمتى تم تقنين عدد المسابقات ومراجعة عدد الأندية فحينها سيكون بالمستطاع توفير حكام أكفاء ورجال أمن لكل لقاء واحتواء كل الأخطاء والعمل على حلها بسرعة والسيطرة على رقعة من المسابقات هي أقل من اتساعها الآن الذي ألحق الضرر بجسد رعاية الشباب واتحاد كرة القدم فقد باتت كرة القدم والرياضة ثقافة تتغذى بالعالم وحقا يكتسب بالصبر والمثابرة، ولن تكون هبة أو منحة وطنية بخلاف الرياضة التي من حق الجميع ممارستها والسعي لإيجاد أماكن مناسبة لمزاولة الهوايات المحببة بعيدا عن حمى التنافس.
قبل أن تنتهي الحكاية وتبدأ رواية من المخطئ ومن المصيب نتساءل هل أصاب الصمم عين المراقب والرقيب وغابت شمس الحقيقة في ضحى امتهان كرامة الحكام؟ لماذا لا يصدر القرار سريعا وينال المسيء عقابه فيرتاح الجريح ويسترد شيئا من ماء وجه انسكب بفعل جهال أخذهم حماس واندفاع غير محسوب حتى يعود أكثر قوة وجرأة في الحق الذي يطبقه بين الفريقين في كل المسابقات أو فلننتظر سقوطا يتلوه سقوط وسط صرخة حكام أنقذونا من الجلد المستمر أو استقدموا حكاماً من خارج الحدود وحينها نسأل كيف لا نرى فينا عدالة ونحن أهل العدل وقوام الحق في ديننا مفارقة أوجدها ضعف القادر وصمت المسؤول؟