رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نوظف البحث العلمي في حياتنا؟

البحوث والدراسات التي تجرى في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي سواء من الأساتذة، أو من طلاب الدراسات العليا، أو من المتفرغين للبحث بصفة باحث، تمثل جزءا من الإنتاج الذي يحسب للجامعات والمعاهد العليا، وفي ضوئها يتم الحكم على مستوى الجامعة من حيث اهتمامها، ومشاركتها في تنمية المجتمع. ولذا تخصص الكثير من الدول ميزانيات ضخمة للبحث العلمي إيمانا منها بقيمته وفائدته في تنمية المجتمع، سواء التنمية البشرية التي تستهدف بناء الإنسان في قيمته ومشاعره واتجاهاته أو سلوكه و تعامله مع الآخرين، أو في المهارات التي يفترض اكتسابه لها.
في المنتديات والمجالس والمؤتمرات تطرح قضية البحوث والجدوى المترتبة عليها، وهل لها قيمة مضافة أم أنها مجرد أكوام من الورق تملأ الأدراج والمكتبات؟ الآن في زمن التقنية تعرض على المواقع المتخصصة. في البداية يحسن أن أؤكد أن البحوث المشار إليها في المقال لا تقتصر على مجال معرفي واحد بل تشمل جميع المجالات، سواء ما هو في مجال العلوم الطبيعية، أو في العلوم الإنسانية والاجتماعية. هذا الإيضاح سببه اعتقاد البعض خطأ أن البحوث ذات القيمة والفائدة مقتصرة على ما هو في المجال الطبيعي، بل إن البعض يعتقد أن البحوث لا تجرى إلا في هذا المجال.
عندما نتحدث عن البحوث، نقصد بحوث الأساتذة، أو بحوث طلاب الدراسات العليا، في درجتي الماجستير والدكتوراه، كما يدخل ضمن ذلك البحوث النظرية التي تستهدف الوصول للنظريات والقوانين، أو البحوث التي تستهدف إيجاد حلول أو علاج للمشكلات التي توجد في مجتمع من المجتمعات كتلوث البيئة، أو انتشار ظاهرة سيئة كالسرقة، أو التسرب من المدرسة، أو انتشار التدخين لدى الأطفال.
ما دعاني إلى طرح الموضوع أني هذه الأيام أجري دراسة تقويمية مع أحد الزملاء في الكلية لخطط طلاب الدراسات العليا التي أجيزت من كل اللجان والمجالس، وبعضها انتهت كدراسة كاملة تنتظر من يستفيد منها و يوظف نتائجها بدلا من تركها في بطون الأدراج وعلى الرفوف. الخطط التي انتهيت من تقويمها تعادل 50 في المائة من عينة الدراسة وتتوزع على أقسام كلية التربية و هي علم النفس، والإدارة التربوية، والمناهج وطرق التدريس، والتربية الخاصة، وتقنيات التعليم، وقسم السياسات والأصول. ومع ما يمكن أن يوجد من هنات وملاحظات على بعض الخطط، إلا أن ما هالني ولفت انتباهي المواضيع التي تتناولها إذ إنها شاملة لكل ما يخطر على البال في الميدان التربوي، سواء مشكلات الطلاب السلوكية والتربوية، أو المقررات الدراسية والمناهج، أو ما له علاقة بإدارة التعليم العام أو العالي، أو المباني الدراسية وبيئة المدرسة، أو التقنية الحديثة وآليات توظيفها في الميدان.
المواضيع، كما أشرت، معظمها إن لم يكن كلها تمس العملية التربوية، كما أن منهجيتها تعتمد على الميدان في البيانات والمعلومات التي يتم الوصول إليها، إذ البيانات من الطلاب أو المعلمين أو المشرفين والمديرين، أو تحليل لكتاب يدرَّس للطلاب و ينشأون عليه وتصاغ عقولهم ومشاعرهم بناء على محتواه، ولذا يتأكد طرح السؤال عدة مرات: هل تتم الاستفادة من نتائج البحوث أم تنتهي بمنح صاحبها الدرجة العلمية أو الترقية التي عملت البحوث بحافز منها؟
الجامعات والمعاهد العليا دورهما إنجاز البحوث في المقام الأول، إلا أن هناك من يرى أن تقوم الجهات المنجزة للبحوث بتسويقها للمستفيدين أو من يفترض استفادتهم، فأصحاب البضاعة يفترض فيهم عرضها والبحث عمن يوظف نتائجها، لكن على الطرف الآخر هناك من يرى أن الجهات المستفيدة هي المفترض فيها السعي وراء الباحثين ومراكز البحث لتستفيد مما لديهم، لمعالجة ما يواجهها من مشكلات في الميدان، ولعلي أخصص هنا القول بأن بحوث منسوبي كلية التربية تخص بالدرجة الأولى وزارة التعليم، والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، أو أي جهات ذات علاقة بالتربية والتعليم، وحري بهذه الجهات أن تستفيد من النتائج المتوافرة، حيث إن البحوث أنجزت بلا تكلفة من هذه الجهات، وواجبها شكر الباحثين، إذ في دول أخرى تقدم المنح الجزلة للباحثين لإنجاز البحوث و الدراسات، فكيف إذا قدمت هذه البحوث بما يشبه الهدية؟ فهل ندرك قيمة البحوث ونستثمر نتائجها لنخطو الخطوة الأساسية في جعل البحث العلمي منطلقا للتنمية، وحل المشكلات التي نواجهها في المجالات كافة؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي