أول انخفاض في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
هناك أخبار جيدة في بداية الأسبوع الأخير من المفاوضات في مؤتمر المناخ في باريس (COP21) مفادها أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وهو غاز الدفيئة الرئيس، من حرق الوقود الأحفوري استقرت في عام 2014 والمتوقع أن تنخفض قليلا - بنحو 0.6 في المائة - في عام 2015، وفقا لدراسة نشرت في مجلة "طبيعة تغير المناخ".
وهذه هي المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا السقوط المتزامن مع فترة من النمو الاقتصادي العالمي. فخلال الفترة نفسها، نما الاقتصاد العالمي بنسبة 3.4 في المائة في عام 2014، وهذا العام هو على نسق مماثل حيث ينمو بنسبة 3.1 في المائة، كما ذكرت المجلة، التي أكدت أن "الإنتاج العالمي الإجمالي المحلي (GDP) نما بشكل كبير في كل سنة مع القليل أو حتى من دون نمو الانبعاثات، على عكس الفترات السابقة".
وقد انخفضت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بالفعل في الماضي، ولكن كان ذلك خلال فترات الأزمات الاقتصادية، ولا سيما في عام 2009 بعد الأزمة الاقتصادية العالمية.
والسقوط المتوقع في عام 2015 يعود إلى حد كبير إلى انخفاض في استخدام الصين من الفحم (الصين، التي تعد أكبر منتج ومستهلك للفحم في العالم. والصين، التي تعد ثاني أكبر اقتصاد عالمي وأكبر ملوث في العالم علاوة على ذلك اعترافها أخيرا أنها قد قللت من أهمية استهلاكها للفحم بكثافة في السنوات الأخيرة، حيث أحرقت مئات الملايين من الأطنان عما أعلن عنه في البداية). وقد لاحظ الباحثون أن انبعاثاتها المتوقعة لعام 2015 في نطاق عدم التيقن الإحصائي الذي يمتد من سقوط 1.6 في المائة أو إلى ارتفاع نسبته 0.5 في المائة.
إن فصل ارتباط النمو الاقتصادي عن الانبعاثات من الوقود الأحفوري هو هدف رئيس في الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك عن طريق التحول إلى مصادر الطاقة التي ينبعث منها قليلا من ثاني أكسيد الكربون أو حتى لا انبعاثات بالكامل مثل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة المائية والكهرباء والطاقة النووية.
إلا أن الدراسة التي نفذها 70 من الباحثين بقيادة الباحثة كورين لو كوير من جامعة إيست أنجليا (المملكة المتحدة)، تتوقع أنه من غير المرجح أن تكون ذروة الانبعاثات في عام 2015 وستكون بداية لتراجع طويل الأجل. وتقول كورين، "إن هناك كثيرا من الاقتصادات الناشئة القائمة على الفحم، وخفض الانبعاثات في عديد من البلدان الصناعية المتواضعة في أحسن الأحوال". وتضيف، "حتى لو كانت الانبعاثات إلى ذروتها قريبا، فإن الانبعاثات العالمية لا تزال تأخذ سنوات لتنخفض بشكل جوهري"، ويؤكد واضعو الدراسة أن غاز ثاني أكسيد الكربون وغيره من غازات الدفيئة تستمر في الغلاف الجوي لعقود.
وقد وضعت الدول المشاركة في مؤتمر باريس هدف تحقيق اتفاق للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى درجتين مئويتين مقارنة بما قبل العصر الصناعي. والتزامات خفض انبعاثات غازات الدفيئة التي أعلنت عنها الدول قبل المؤتمر، المنتهي يوم الجمعة 11 كانون الأول (ديسمبر) وبعد 12 يوما من العمل، ينبغي أن تساعد على تباطؤ ظاهرة الاحتباس الحراري، والحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية إلى 3 درجات مئوية. إلا أن البشرية لا تزال تواجه الهجرة الجماعية وتزايد الفقر الناجم عن ارتفاع مستويات البحار والجفاف والعواصف العنيفة.
الهند مثلا، حيث لا يزال 300 مليون شخص لا يحصلون على الكهرباء، سوف تلعب دورا رئيسا في العقود المقبلة. ووفقا للدراسة، "جزء من احتياجات الهند من الطاقة الجديدة يجب أن يأتي من تقنيات منخفضة الكربون للتقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية".
العالم كله في اجتماع باريس، مؤتمر المناخ الذي انعقد في الفترة من 30 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى 11 كانون الأول (ديسمبر). وتؤكد الباحثة كورين لو كويو في ختام حديثها أنه من المهم احترام الالتزامات العالمية لخفض انبعاثات غازات الدفيئة بسرعة إلى مستوى قريب من الصفر لسقف درجتين مئويتين، إلا أننا ما زلنا نبعث كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون سنويا باستخدام أنواع الوقود الأحفوري.