إقرار الذمة المالية للمسؤولين

من ضمن الدراسات التي وصلت إلي أخيرا دراسة علمية متميزة للباحثة "نورا بنت محمد الشهري" والتي تعد من أوائل الباحثات السعوديات المتخصصات في مجال النزاهة وحاصلة على درجة "الماجستير" من جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، تناولت في دراستها جانبا مهما في جوانب تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد ألا وهو"إقرار الذمة المالية للموظفين الحكوميين". استخدمت الباحثة في دراستها المنهج الوصفي المسحي، والاستبانة كأداة للدراسة، حيث توصلت من خلال دراستها العلمية إلى ضرورة إقرار "نظام خاص للذمة المالية للمسؤولين الحكوميين "باعتباره من أهم أدوات تعزيز "النزاهة" و"الشفافية" في الوظائف العامة، كما تشير الدراسة إلى أن إقرار الذمة المالية يتماشى مع اتفاقيات الأمم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC لعام 2003م في المادة 52 والتي حثت على "إنشاء نظم فعالة لإقرار الذمة المالية في كل دولة وفقا لقانونها الداخلي بشأن الموظفين العموميين، وتطبيق عقوبات ملائمة في حال عدم الامتثال للقرار" وتشير أيضا إحصائيات وبيانات قاعدة البنك الدولي في مجال النزاهة والشفافية إلى أن 78 في المائة من الدول لديها أنظمة لتقديم إقرارات الذمة المالية للموظفين الحكوميين.
وتضيف الباحثة نورا الشهري في دراستها أن أهم الآثار الإيجابية المتوقعة لتطبيق إقرار الذمة المالية في المملكة سيسهم في تعزيز النزاهة، والشفافية، وحماية المال العام، ومنع تضارب المصالح، والكشف عن قضايا الكسب غير المشروع، وهي من القضايا الأكثر شيوعا أخيرا بحسب تصريحات الجهات المعنية بالرقابة والنزاهة في المملكة.
كما تشير الدراسة إلى أن أهم الإجراءات التي يتطلبها تطبيق إقرار الذمة المالية هو المحافظة على سرية إقرارات الذمة المالية للمكلفين، وإلزام من ينطبق عليه النظام بتقديم الإقرار عند بدء الوظيفة وبشكل دوري وعند نهاية الخدمة، وفرض العقوبات على المخالفين لتقديمها.
ولم تخف الدراسة وجود عوائق يمكن أن تواجه الجهات المسؤولة عند البدء في تطبيق إقرار النظام ومنها ضعف محاسبة كبار المسؤولين عند مخالفتهم للنظام، وكذلك ضعف الوعي بأهمية إقرار الذمة المالية في المملكة، واحتمال تهرب المسؤولين من تقديم إقرارات الذمة المالية.
وهذا يتطلب بحسب الباحثة الإسراع في إصدار نظام أو لائحة تنفيذية لإقرار الذمة المالية، والعمل بمبدأ إقرار الذمة المالية لجميع المسؤولين الحكوميين. وتحديد جهات الاختصاص لتنفيذ إقرار الذمة المالية في حال إقراره. وتطبيق النظام ولائحته التنفيذية والعقوبات المقررة بصرامة على المخالفين.
وأنا أرى أن مثل هذه الدراسات المتميزة يجب ألا تبقى حبيسة الأدراج في مكتبات الجامعات مثل غيرها من الدراسات المتميزة التي لم نستفد منها، وإنما يجب أن تأخذ مكانها الفعلي كنظام مطبق على أرض الواقع. لهذا أدعو المؤسسات المتخصصة في النزاهة والرقابة في المملكة إلى الاطلاع على هذه الدراسة للاستفادة منها فما زالت لدينا ثغرات كثيرة في مواجهة الفساد تتطلب مزيدا من الحزم والصرامة والتوعية الذكية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي