رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كيف واجهت السعودية «القاعدة»؟

ربما يقول البعض إن القاعدة لم تعد اسما رنانا أمام تنظيم داعش.. على الرغم من أن المشتركات هي نفسها، كذلك الفاصل الزمني ليس بعيدا، فالمواجهات الأخيرة مع تنظيم القاعدة كانت في الفترة ما بين 2003 و2009. لكن حين نقول: كيف واجهتها السعودية؟.. هذا هو السؤال الصعب والأهم. استعد السعوديون والعرب بشكل صاخب لمتابعة فيلم "كيف واجهت السعودية القاعدة؟" على شاشة قناة العربية. كما شهدت "السوشيال ميديا" تفاعلا كبيرا، وكان الهاشتاق الرابع عالميا من حيث المشاركة في وقت الذروة.
لا شك أن ما ميز الفيلم أن جميع أحداثه استندت إلى فيديوهات حقيقية من أرشيف "القاعدة" السري، عثر عليها في أوكار داخل المملكة. العجيب الذي أظهره لنا هذا الفيلم هو أن أعضاء التنظيم كانوا يصورون تفاصيل حياتهم وأعمالهم بإسهاب كما لو كانوا يعدون هم أنفسهم فيلما سينمائيا قادما، وكأنهم يتركون لنا شهادة مرئية للتاريخ وأثرا مفيدا جدا في الدراسة والمتابعة والتوثيق، ولا شك أن إطلاق سراح هذا الأرشيف يحسب لوزارة الداخلية. من بين المشاهد من عمليات نفذها الإرهابيون استهدفت منشآت مدنية وأمنية ونفطية ما زالت حية في ذاكرتنا، وربما عزز فهمنا لها روايات رجال الأمن السعوديين، هم الذين شاركوا في تلك المواجهات. كواليس للمعسكرات والمخيمات البرية، وميادين التدريب، وتجهيز العمليات، وتفخيخ السيارات .. كذلك قصة محاولة اغتيال ولي العهد وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف، وتفاصيل تلك العملية منذ بداية انطلاقها في اليمن.
أمام هذا الكم من المشاهد، هناك شعور داخلي وكأنه مؤثرات درامية في رؤوسنا فيها نوع من المرارة، شعور ولوهلة بأننا نتابع ونرى من هم "منا وفينا" في فيديوهات عادية كأنها تسجل "كشتات بر" مثلا مع طناجر كبسة وأطباق مفطح، حتى يتحول المشهد إلى إجرام شهي وغريب وتوثيق انتحاريين. الكثير من الرسائل قدمها هذا الفيلم، إن بصيغة مباشرة أو غير مباشرة. لكنه استعرض نقاطا مهمة وحيوية هي توضح باختزال شديد مدى ضخامة الأزمة التي مررنا بها، والتحديات التي لا تزال قائمة بصور أخرى. من هذا الفيلم نستشف الرسائل للحاضر والمستقبل من التطرف، منها دور المدارس وحلقات التحفيظ وكيف أن صغارا يانعين أكبرهم 15 عاما غابوا عن أهاليهم في رحلات قيل إنها تحفيظ وغرقوا أو أغرقوا في هذا الوحل.
تزامن عرض الفيلم مع تهديدات أطلقها تنظيم الجزيرة الذي يتخذ من اليمن مقرا له في بيان بأنه على علم بتنفيذ حكم الشرع في عدد من المدانين بالإرهاب، بينهم بعض أعضائه. وتوعد التنظيم في بيانه بتنفيذ هجمات ردا على ذلك منها تهديدات باستهداف مسؤولين سعوديين أيضا. لا شك أن التحديات مستمرة، تحديات أمنية وتحديات فكرية. الأخيرة تتطلب غربلة مستمرة شاملة.. فهي غربلة للآيديولوجيا ومحرضاتها وأدواتها.. ومواجهتها بأدوات خشنة وناعمة، والأهم استراتيجية، فرز للمرحلة.. لحاضر ومستقبل جديد. نحن أمام تحد يشبه فيلم رعب واقعيا مستمرا.. فيلما حقيقيا على أرض الواقع يصور صراع الخير والشر، الإنسان والشيطان.. فبينما نكون آمنين، هناك من قدموا أرواحهم لكي نعيش بأمان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي