رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لا يمكننا مقارنة أرباح شركات الاتصالات في السعودية

منذ مشكلة "موبايلي"، تحدثت بصراحة عن مشكلة معيار الإيرادات السعودي، وطالبت حينها بأن يتم تعليق العمل بالمعيار وعلى جميع الشركات السعودية المدرجة وأن يتم من الآن تطبيق معيار الإيرادات الدولي رقم (15)، لكن حتى الآن لم يتم شيء بهذا الخصوص. وهذا التأخير على أساس أنه سيتم تطبيق المعايير الدولية كحزمة واحدة مطلع عام 2017. وإذا كانت الحالة هذه فإن تطبيق "موبايلي" وحدها المعيار الدولي 15 مثير جدا للنقاش ويوجد مشكلة مهمة ويجب على الأقل أن تعلن شركات الاتصالات جميعها أنها تتبع المعيار الدولي في المحاسبة عن الإيرادات. لماذا هناك مشكلة؟
علينا أن نتحدث قليلا عما هي المعايير المحاسبية. فالمعايير المحاسبية وضعت أساسا من أجل الثبات في قياس وعرض الأحداث الاقتصادية للشركة، بمعنى أن تقوم الشركة بحساب وتقييم كل حدث اقتصادي لديها – مثل بيع المنتجات أو شراء أجهزة ومعدات وأراض وغيرها من الأحداث – وتسجل هذا الحدث في السجلات المحاسبية ومن ثم عرضه في القوائم المالية بالطريقة نفسها، التي نفذتها في العام الماضي وبالطريقة نفسها، التي ستنفذها في المستقبل، وأي خروج أو تعديل يجب أن يظهر أثره بشكل واضح وجلي. مرة أخرى لماذا نفعل ذلك؟ لأننا لا نستطيع معرفة موقف الشركة المالي اليوم إلا من خلال مقارنته بموقف سابق، قد يقول قائل يكفيني أن أعرف أن الشركة حققت أرباحا وستوزعها هذا العام وهذا يكفي، لا ليس كافيا للمستثمر الحقيقي (الذي يمنح المال لإدارة الشركة)، فالأرباح ليست قضية في ذاتها، بل الاستدامة في الأرباح هي المهمة، التوزيعات النقدية مهمة - نعم - ولكن الاستمرار في التوزيع ونمو هذا التوزيع أهم، فنحن بحاجة كي نتخذ قرارا بمنح الأموال لإدارة الشركة كي تستثمرها إلى أن نطمئن أنها تسير بشكل يضمن الاستمرار في النمو والأرباح، ولهذا نحتاج إلى معرفة وضعها المالي اليوم ونتائج أعمالها ونقارنه بين وضعها ونتائجها في السنة الماضية ولو كانت هناك قوائم مالية مستقبلية فبها ونعمت. لهذا فإن الحاجة إلى "المقارنة" هي المفهوم السحري في حاجتنا إلى المعايير المحاسبية التي تضمن (وحدها) الثبات في المعالجة المحاسبية للبند نفسه بين السنوات، ولهذا نضع ثقتنا في شركة تلتزم بهذه المعايير ونأتي بمراجع خارجي وندفع له الأموال ليؤكد أن الشركة التزمت بالمعيار الصحيح وبشكل ثابت بين السنوات.
إذا فنحن بحاجة إلى أن تفصح الشركة عن التزامها بالمعايير والسياسات المحاسبية بين السنوات وأنها لم تخرج عنها في هذا السنة وعلى المراجع الخارجي أن يتأكد من ذلك تماما، وأن هذا مهم جدا بالنسبة لنا حتى نتمكن من المقارنة بين السنوات ونعرف اتجاه الشركة في المستقبل لأننا قد نقرر الاستثمار في شركة تحقق خسائر بدلا من شركة تحقق أرباحا والسبب هو المقارنة بين السنوات، فالشركة رغم الخسائر قد تحسنت جدا مقارنة بالسنوات السابقة وهي تسير في طريق صحيح بينما الشركة التي تحقق أرباحا قد تراجعت بشكل مخيف وستستمر في التراجع. إذا المقارنة هي مفتاح اللغز في عالم المحاسبة. وإذا وصلت معي عزيزي القارئ إلى هذه النقطة بالذات عرفت سبب استفساري في عنوان المقال، لا يمكن أن نقارن بين الشركات في قطاع واحد إذا كانت كل شركة تتبع معايير محاسبية مختلفة عن الأخرى. كيف يمكنني أن أقارن بين أرباح "موبايلي" ونموها ومستقبليهما مع أرباح "الاتصالات" ونموها ومستقبليهما إذا كانت شركة موبايلي تتبع معيار الإيرادات الدولي رقم (15) بينما شركة الاتصالات تتبع معيار الإيرادات السعودي المختلف جوهريا عنه. القضية ليست ريالا هنا مقارنة بريال هناك، القضية هي كيف حسبنا ربح "موبايلي" من بيع شريحة اتصال ضمن باقة فيها جهاز وفيها مدد مختلفة، وكيف حسبنا الربح نفسه من الباقة نفسها في شركة الاتصالات أو شركة زين. هل في "موبايلي" طريقة وفي "الاتصالات" طريقة أخرى مع العلم أنه المنتج نفسه؟ إذا كان تقييم الإيرادات وحسابها وعرضها مختلفا بين "موبايلي" وباقي الشركات فإن ريال "موبايلي" ليس ريال باقي الشركات ولا يمكن المقارنة بينهما أبدا. فقط المعايير المطبقة في القطاع ككل هي التي تضمن أن تتم معالجة الأرباح وقيمتها بالطريقة نفسها في كل شركات القطاع، ولهذا نقارن بين الشركات ونحدد الفرق في النمو والأرباح والمبيعات ونتخذ قرارات استثمار (ولهذا نحب الأسواق المالية التي فيها منظم قوي يجبر الشركات على توحيد المعايير المحاسبية ويراقب ذلك بشدة).
والآن سوف أعود إلى عنوان المقال، هل أعلنت جميع شركات الاتصالات السعودية أنها تتبع المعيار الدولي رقم (15) في معالجة الإيرادات؟ أنا شخصيا (ولعلي أخطأت) لم أقرأ من "الاتصالات" إعلانا واضحا يفيد بذلك ولا حتى من شركة زين. ولا يكفي أن تقول شركات الاتصالات إنه ليست لديها المشكلة التي تعرضت لها "موبايلي"، بل يجب أن تعلن صراحة موقفها من المعيار الدولي لأننا في موقف مقارنة بين الشركات وهذا مهم وحاسم جدا في القرارات الاقتصادية للسوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي