رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


قمة أنطاليا بين الاقتصاد والسياسة والأمن

"إن عدم الاستقرار السياسي والأمني معيق لجهودنا في تعزيز النمو الاقتصادي العالمي ومع الأسف تعاني منطقتنا عديدا من الأزمات.. إننا أمام فرصة مواتية للتعاون وحشد المبادرات للتوصل إلى حلول عالمية حقيقية للتحديات الملحة التي تواجهنا، سواء في مكافحة الإرهاب أو مشكلة اللاجئين أو في تعزيز الثقة بالاقتصاد العالمي ونموه واستدامته، ونحن على ثقة من خلال التعاون بيننا في أننا نستطيع تحقيق ذلك".. كان ذلك جزءا مهما جدا من كلمة الملك سلمان بن عبدالعزيز في قمة العشرين المنعقدة أخيرا في أنطاليا التركية. وقد تضمنت الكلمة اقتراح إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة، وأعلن الملك تبرع السعودية بمبلغ 110 ملايين دولار لتمويله. جاءت القمة والعالم يمر بمخاض دولي وانعكاسات خطيرة غير مسبوقة. وقد تصدرت بطبيعة الحال الأزمة السورية والهجرة ومكافحة الإرهاب جدول الأعمال، إلا أن غياب الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بسبب الهجمات الإرهابية على باريس كان له رمزية ضاعفت من عمق الأزمة، وأعطت لجدول أعمال القمة طابعا طارئا.
لا شك أن عضوية السعودية في مجموعة العشرين هي لقيمتها الاقتصادية وثقلها الدولي، وهي البلد العربي الوحيد في المجموعة، وهي كذلك في مجلس صندوق النقد الدولي. وتمثل دول مجموعة العشرين 90 في المائة من الاقتصاد العالمي، و80 في المائة من التجارة الدولية، وثلثي سكان العالم. وتعطي العضوية للمملكة قوة ونفوذا سياسيا واقتصاديا ومعنويا كبيرا يؤهلها لأن تكون طرفا مؤثرا في صنع السياسات الاقتصادية العالمية، تلك التي تؤثر بالتالي في اقتصاد المملكة كما اقتصادات دول المنطقة. وقمة أنطاليا تمثل نقطة تحول في أعمال مجموعة العشرين، وذلك للارتباط الوثيق بين قضايا الاقتصاد والأمن. هي التحديات الأكثر قلقا في الفترة الراهنة مع تراجع أسعار النفط، والآثار المترتبة على اقتصاد المنطقة والعالم في ظل تراجع أسعاره عالميا.
الاضطرابات السياسية التي تعيشها المنطقة نشرت الإرهاب كحريق في كومة قش. ولا شك أن الحرب على الإرهاب أولوية تمهد للاستقرار السياسي وبالتالي الأمني، ليس في دول الاضطراب بل دول المنطقة والعالم. وإن كان الحرب على الإرهاب استنزاف اقتصادي بحد ذاته، فعدم محاربته أيضا مشروع لانهيار اقتصادي وسياسي وأمني. لذا نحن أمام تحديات جمة. وإذا كان التحدي الأمني معروفة مهامه، فالتحدي الاقتصادي يعني الحاجة الملحة أيضا إلى إصلاحات اقتصادية تتطلب تنويع القاعدة الاقتصادية. دول المنطقة على الأخص تتأثر مباشرة وبحساسية بما يحدث في المنطقة من حروب ومستجدات سياسية. ولو درسنا كل نشاط إرهابي أو هجمة إرهابية وتأثير ذلك اقتصاديا على كل دولة، فسنرى تأثيره على البورصة والأسهم والأسواق المالية والسلع والعملات، والاقتصاد العالمي بطرق مختلفة مباشرة وغير مباشرة. كما أنه في المقابل يمكن أن يدفع العالم ثمن الإرهاب على المدى الطويل من خلال تقليل الإنتاجية بسبب زيادة التدابير الأمنية. إنها مسألة شائكة ودقيقة.
في الحقيقة نحن أمام قوالب جديدة للنشاطات الإرهابية. التحدي الكبير أن الحرب على الإرهاب المتمثلة في الوقت الراهن في "داعش"، حرب غير مجدولة حتى الآن. حتى الحكومة الأمريكية اعترفت في وقت سابق بأن الحرب ضد "داعش" عملية بطيئة. الواقع هو أنه لا جدول زمني يحدد الحرب ومهماتها. إن التخطيط في حالات الطوارئ أمر مهم. والحرب التي يعيشها المجتمع الدولي هي حالة طوارئ. لا بد أن الأمر يتطلب خطة حرب استراتيجية حديثة موقتة ومجدولة لها تاريخ انتهاء افتراضي وهدف محسوم. الحروب المفتوحة كالمشاريع المفتوحة، ميتة، روتينية، غائمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي