قادة «العشرين» يتفقون على مواجهة التهرب الضريبي للشركات الدولية
اتفق قادة مجموعة الدول العشرين على خطة عمل مشترك لمنع تهرب الشركات الدولية من الضرائب كجزء من حملة عالمية ضد التهرب الضريبي.
وتشير التقديرات إلى أن دول العالم تفقد سنويا ما بين 100 و240 مليار دولار من إيراداتها الضريبية بسبب ممارسات الشركات الرامية إلى التهرب من التزاماتها الضريبية مثل ما يعرف باسم "تآكل القاعدة وتحويل الأرباح".
وبحسب "الألمانية"، كان وزراء مالية مجموعة الدول العشرين قد وافقوا الشهر الماضي على خطة من 15 نقطة لمواجهة تآكل القاعدة وتحويل الأرباح تنطلق من توصيات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لمحاربة التهرب الضريبي.
وقال قادة المجموعة في بيان مشترك خلال القمة المنعقدة في منتجع أنطاليا التركي "تبنينا حزمة من الإجراءات.. وسيكون التطبيق المتسق واسع النطاق أمرا حيويا لضمان فاعلية هذا المشروع".
وتستهدف خطة المجموعة ضمان التزام الشركات بسداد الضرائب في الدول التي تمارس فيها أنشطتها الاقتصادية وتحقق فيها الأرباح بدلا من تحويل هذه الأرباح إلى ما تسمى "الملاذات الضريبية الآمنة" حتى لا تسدد عنها ضرائب، وسيكون تحسين تبادل المعلومات بين السلطات الضريبية لدول العالم دورا مهما في تحصيل المستحقات الضريبية.
#2#
في الوقت نفسه فإن المختصين يخشون من أن تفقد الدول التي ستطبق هذه المعايير الميزة التنافسية أمام الدول التي لا تلتزم بها.
ولتقليل هذه المخاوف يحث قادة مجموعة العشرين على ضرورة التطبيق المتزامن للخطة وتشجيع كل الدول على المشاركة فيها بما في ذلك الدول غير الأعضاء في مجموعة العشرين والدول النامية.
من ناحيتها اعتبرت المنظمات غير الحكومية المعنية بالعدالة الضريبية ومحاربة الفساد مثل منظمة أوكسفام ومنظمة الشفافية الدولية هذه الإجراءات غير كافية حيث ستظل البيانات الاقتصادية الأساسية سرية، في حين لن تتمكن الدول النامية من الحصول على المعلومات الكافية الخاصة بالضرائب في الدول المتقدمة.
وأبلغ الرئيس الصيني شي جين بينج قادة مجموعة الدول العشرين خلال اجتماعهم في تركيا أن العالم يحتاج بشدة إلى إيجاد مصادر جديدة للنمو الاقتصادي، مضيفا أنه رغم انتهاء الأزمة المالية العالمية فإن العالم يشهد تعافيا اقتصاديا ضعيفا للغاية ويحتاج إلى عمل المزيد لضمان حقبة جديدة من الازدهار العالمي.
وأضاف شي أن إصلاح حوكمة الاقتصاد العالمي يحرز تقدما بطيئا وأن العالم في حاجة إلى العمل سويا لتحقيق التنمية والتعاون الاقتصادي على الصعيد الدولي حسبما ذكرت الوكالة الرسمية.
وقال قادة أكبر اقتصادات العالم في بيان إنهم مازالوا ملتزمين بهدف زيادة الناتج الإجمالي لبلدانهم 2 في المائة بحلول 2018 حتى إذا بقي النمو متفاوتا وضعيفا عن المتوقع عالميا.
ويعتقد شي أن بلاده قادرة على تحقيق مستويات نمو اقتصادي متوسطة إلى مرتفعة وتتوقع هذا العام نموا بنحو 7 في المائة لكنه سيكون الأضعف في 25 عاما.
وأشار شي إلى أن قمة مجموعة العشرين لعام 2016 التي ستنعقد في مدينة هانجتشو في شرق الصين ستركز على الإصلاح والابتكار وتحسين الحوكمة الاقتصادية والمالية العالمية وتعزيز حضور الأسواق الناشئة والدول النامية.
إلى ذلك، دعا قادة الدول والحكومات المشاركة في قمة العشرين جميع البلدان إلى المساهمة في إدارة أزمة المهاجرين وذلك في بيان ختامي صدر فور انتهاء أعمال القمة في منتجع أنطاليا التركي.
وجاء في البيان "ندعو جميع الدول إلى المساهمة في معالجة هذه الأزمة ومشاركة العبء الناجم عنها، خصوصا عبر إعادة توطين اللاجئين وحق الدخول الإنساني والمساعدات الإنسانية".
ووفقا للبيان فإن أزمة اللاجئين الحالية تشكل مصدر قلق عالمي يجب أن تكون هناك استجابة منسقة وشاملة لمعالجة هذه الأزمة وعواقبها على المدى الطويل، ودعت المجموعة جميع الدول، كل في حدود إمكاناته، لتعزيز المساعدة التي تقدمها إلى المنظمات الدولية من أجل زيادة قدرتها على مساعدة البلدان المعنية بالاستجابة لهذه الأزمة.
ويواجه الاتحاد الأوروبي منذ أشهر تدفقا للاجئين، خصوصا من سورية ويجري مفاوضات مع تركيا التي تستقبل 2.2 مليون من السوريين والدول المجاورة لسورية لإبقاء اللاجئين في أراضيها مقابل الدعم المالي.
وقد وصل أكثر من 800 ألف مهاجر معظمهم من إفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا عن طريق البحر منذ بداية العام الحالي انطلق معظمهم من تركيا، ويبدي عديد من الدول الأوروبية، وخصوصا الشرقية منها قلقا إزاء هذا النزوح الجماعي، وازداد قلقها أيضا بعد اعتداءات باريس الدموية.
ووعد زعماء العالم بتشديد السيطرة على الحدود وزيادة تبادل معلومات المخابرات والتضييق على تمويل الإرهابيين لكن لم يظهر مؤشر يذكر على تحول كبير في استراتيجية مكافحة تنظيم داعش في سورية.
وخيم على قمة العشرين التي اختتمت أمس أعمالها في منتجع بيليك بإقليم أنطاليا الساحلي في تركيا هجمات الانتحاريين في باريس التي قتل فيها 129 شخصا والتي أبرزت الخطر الذي يشكله التنظيم المتشدد بعيدا عن معاقله في سورية والعراق.
وجمعت القمة على مدى يومين زعماء العالم وبينهم الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والروسي فلاديمير بوتين على بعد 500 كيلومتر فقط من سورية التي حول الصراع الدائر فيها منذ أربع سنوات ونصف تنظيم داعش إلى خطر أمني عالمي وتسبب في أكبر أزمة هجرة لأوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ومن جانبه، أشاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ "الموقف الحازم" الذي اتخذه رؤساء دول وحكومات بلدان مجموعة العشرين ضد الإرهاب بعد اعتداءات باريس، في ختام قمتهم بتركيا، مضيفا أن قادة المجموعة قد اتحدوا واتخذوا موقفا حازما في التصدي للإرهاب، ومشيرا إلى أن ربط الإرهاب بدين من شأنه أن يشكل أخطر سبه واحتقار للذين يعتنقون هذا الدين ويمارسونه.
ورفض أردوغان الذي ترأس قمة مجموعة العشرين، وجود أي اختلاف بين الحركات الإرهابية، قائلا: إن كل بلد يقوم بالتمييز بين المجموعات في إطار مكافحة الإرهاب يرتكب خطأ فادحا.
وأشارت مصادر بالرئاسة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حث الزعماء خلال مأدبة عشاء أول أمس على تعميق تبادل معلومات المخابرات قائلا: " إن الزعماء في العالم الإسلامي يجب أن يفعلوا المزيد لكسر مفهوم أن الإرهاب مرتبط بالإسلام".
وتبنى قادة مجموعة العشرين إعلانا خاصا بعد اعتداءات باريس وعدوا فيه بتحسين تعاونهم للحد من التنقل المتزايد للإرهابيين الأجانب، وقال ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني في مؤتمر صحافي إن الهجمات المروعة في باريس مساء الجمعة بعد وقت قصير من كارثة طائرة الركاب الروسية وبعد تفجيرات أنقرة وهجمات تونس ولبنان تؤكد الخطر الذي نواجهه، مضيفا أن قادة المجموعة اتفقوا على اتخاذ خطوات مهمة أخرى لقطع التمويل الذي يعتمد عليه الإرهابيون ومواجهة الفكر المتطرف للدعاية الإرهابية وتوفير حماية أفضل لنا من خطر المقاتلين الأجانب من خلال تبادل معلومات المخابرات ومنعهم من السفر.
وأضاف كاميرون الذي عقد اجتماعا استمر ساعة مع الرئيس الروسي أن الخلافات في الرأي بشأن مستقبل الأسد ضخمة لكنها تضيق فيما يبدو، مشيرا إلى أنه توجد خلافات كبيرة ونحن لا نخفي ذلك ونبحثها، ولكن من المهم في كل هذه الحالات إجراء حوار مناسب مع أشخاص مثله.
وقصفت طائرات حربية فرنسية مواقع تسيطر عليها "داعش" في سورية، ووصف لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي الضربات الجوية بأنها عمل من أعمال الدفاع عن النفس بعد هجمات باريس، مشيرا إلى أن بلاده أكدت دوما أنه في ضوء الطريقة التي تعرضت لها من "داعش" فإنه من الطبيعي تماما أن تأخذ زمام المبادرة وأن تتخذ إجراء في إطار الدفاع المشروع عن النفس.
ومن جانبه، تعهد أوباما بتكثيف الجهود للقضاء على "داعش" ومنع وقوع مزيد من الهجمات مثل تلك التي شهدتها العاصمة الفرنسية بينما حث بوتين في اجتماع غير رسمي بتركيز حملته العسكرية في سورية على محاربة هذا التنظيم.
وتعقدت الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لمحاربة "داعش" عندما انضمت روسيا إلى الصراع منذ شهر ونصف مستهدفة بصفة أساسية من يقول الغرب إنهم مقاتلون مدعومون من أجانب يقاتلون الرئيس السوري بشار الأسد حليف موسكو وليس التركيز على "داعش".
وفيما أوضح ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرميلن أن الاجتماع مع أوباما كان بناء لكنه لم يسفر عن انفراجة، قال مسؤولون أمريكيون إن واشنطن تريد تكثيف الجهود الحالية لمكافحة "داعش" ومنها حملة القصف الجوي وتسليح معارضين سوريين، وقد اجتمع أوباما مع حلفاء أوروبيين في نهاية القمة في محاولة لدعم جبهتهم المشتركة.
لكن المسؤولين أكدوا أنه لا توجد خطط فورية لأي تحول كبير في الاستراتيجية مثل نشر قوات برية كبيرة، مشيرين إلى أن المعضلة باقية بشأن كيفية حشد التحالف دون جر الولايات المتحدة بدرجة أكبر في حرب سورية.
ووفقا لما ورد في مسودة البيان، فقد اتفق زعماء مجموعة العشرين الذين يشعرون بالقلق من "التدفق المتنامي" للتنظيمات المسلحة على تكثيف السيطرة على الحدود وأمن الطيران ونددوا بهجمات باريس "البشعة" وقالوا إنهم ما زالوا ملتزمين بمكافحة تمويل الإرهابيين.
وقالت ميركل لقد اتفقنا على أن التصدي لهذا التحدي حيث يتعين ألا يكون عسكريا فحسب وإنما بالعديد من الإجراءات، مضيفة أن هذه الإجراءات تتضمن التعاون بين أجهزة المخابرات ومراقبة الاتصالات على الإنترنت.
ووفقا لمسودة الوثيقة فقد أكدت القمة أيضا على أن الإرهاب يجب ألا ينسب إلى أي دين أو جنسية أو جماعة عرقية، قاطعين الطريق على زعماء شعوبيون في أنحاء أوروبا سارعوا إلى المطالبة بوقف تدفق اللاجئين والمهاجرين من الشرق الأوسط وإفريقيا في الساعات التي أعقبت هجمات باريس.
وحذر الرئيس الأمريكي باراك أوباما من أن على الولايات المتحدة عدم إغلاق الباب أمام اللاجئين خوفا من اعتداءات إرهابية، مضيفا في مؤتمر صحافي أن الذين يهربون من سورية هم أكثر المتضررين من الإرهاب، وهم الأكثر ضعفا، ومن الضروري جدا ألا نغلق قلوبنا لضحايا عنف كهذا أو أن نمزج بين أزمة اللاجئين وأزمة الإرهاب.
وقال أوباما إن استراتيجية الولايات المتحدة في القتال ضد مقاتلي "داعش" لا تهدف إلى استرداد أراض يسيطرون عليها بل إلى تغيير المعطيات التي منحت لمثل هذا النوع من الجماعات العنيفة المتطرفة فرصة الظهور، مشيرا إلى أنه ليس بالخصم العسكري التقليدي، وأن قواته تستطيع استرداد أراض وما دمنا نحتفظ بقواتنا هناك سنكون قادرين على الاحتفاظ بتلك الأراضي، لكن هذا لن يحل المشكلة الأصلية المتعلقة بالقضاء على المعطيات التي تفرز هذا النوع من الجماعات العنيفة المتطرفة، وسنستمر في الاستراتيجية التي تملك أفضل فرصة للنجاح.