بدل سكن .. للموظف السعودي
مشكلة الإسكان هي أكثر القضايا إشغالا للرأي العام والإعلام والمسؤولين في بلادنا رغم تعدد القضايا التي تهم المجتمع من تطوير التعليم إلى تحسين الخدمات الطبية إلى إيجاد الوظائف للباحثين عن العمل .. ولقد بدأت محاولات حل مشكلة السكن في وقت مبكر، فبدأت إدارة الإسكان في وزارة المالية والاقتصاد الوطني قبل أكثر من 40 عاما ببناء مساكن صغيرة لا تناسب متطلبات الأسر المركبة الكبيرة آنذاك، ولحسن الحظ أن عددها محدود، وفي مدينة الرياض فقط، حيث بدأ بها كتجربة .. ثم شيدت وزارة الأشغال العامة عمارات عالية وكبيرة في جميع مناطق المملكة لكي توزع الشقق التي تتكون منها تلك العمارات على المواطنين، فلم تجد القبول، وظلت مغلقة حتى فتحت للنازحين من الكويت أثناء احتلالها .. ثم تمت الاستفادة منها أخيرا بعد قناعة الشباب بإمكانية السكن في العمارات في ظل تأخر قروض الصندوق العقاري الذي كان من أفضل الحلول لمشكلة الإسكان حينما كان الطلب في حدود الإمكانات مع توافر الأراضي بأسعار معقولة ومواقع مناسبة .. واليوم وقد تعقدت المشكلة يجدر بنا أن نلجأ إلى تجارب الدول الأخرى، فنحن لا نخترع العجلة، وهناك تجارب عالمية ناجحة حتى بالنسبة لتأمين الأراضي المناسبة وتوفير الخدمات فيها .. ولا أعتقد أن حل مشكلة الإسكان يأتي بالتهكم وإشعال مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الصحف بالكثير من الهزل المكرر .. وإنما بإشغال المساحات التي استعملت في هذه الحملة بمقالات تحمل مقترحات وحلولا جدية وعملية، فرسوم الأراضي التي يعتقد البعض أنها ستحل المشكلة لم نقرأ مقالا واحدا يحلل كيف ستكون هذه الاستفادة، وهل سيطبق القرار بالتدريج مبتدئا بالمساحات الكبيرة، ما يدفع ملاكها إلى تقسيمها أو بيعها على الدولة بسعر تقرره الجهات المختصة لبنائها أو توزيعها مع الاستعانة بمن لديه القدرة على تطويرها وتحويلها إلى مساكن بدل أن تظل قطعة من الصحراء في وسط المدن.
وأخيرا: ربما يكون إصدار قرار بمنح بدل سكن لموظفي الدولة والقطاع الخاص من السعوديين جزءا من الحل بشرط أن يرتبط الموظف قبل منحه البدل بعقد شراء منزل يدفع بدل السكن كقسط له، حيث ينتهي بالتملك بعد 20 عاما على الأقل، وتظل تكلفة بدل السكن على الدولة أقل من منح القروض وتكلفة البناء .. ويبقى على الدولة حل مشكلة السكن لشريحة محدودة تضم المتقاعدين ومن في حكمهم، عن طريق توفير الخدمات في الأراضي التي تمتلكها الدولة وإسناد بنائها إلى شركات كبرى محلية وعالمية متخصصة في بناء المساكن .. أما النسبة الكبرى فهم الموظفون في الدولة وفي القطاع الخاص، وعلى مَن تأخر حصوله على وظيفة في أي من القطاعين أن يؤجل تملك السكن حتى يجد الوظيفة ليستطيع الوفاء بالتزاماته ويؤسس أسرته بشكل صحيح كما هو الحال في معظم دول العالم.