تفسير الأحلام .. والمبتزون

يتاجر البعض بأوهام وأوجاع الناس، حيث وجدوا في تلك الأوجاع والأوهام مصدر رزق سهلا ووسيلة للثراء الفاحش، ومن أبرز هؤلاء مفسرو الأحلام وما أكثرهم في البلاد وأغلبيتهم يفسرون دون علم أو دراية .. ونظامهم “زي ما تيجي تيجي”، يطلق التفسير ولا يهتم إن أصاب أو فشل، المهم أن يقبض ثمنا من الرسالة أو الاتصال.
في السابق تهافتت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة على تخصيص برامج لتفسير الرؤى ولا غاية لها إلا الكسب المادي، والصيد الثمين هو الشخص “الواهم” ومن يعاني وجعا جعله متعلقا بالأحلام رغم أنها في معظمها مجرد “أضغاث”، والأدهى والأمر والذي لا تحسب له تلك القنوات أو المفسرون حسابا هو بث الذعر والخوف في إنسان هو في الأساس لم يلجأ إليهم إلا وهو يعاني حالة ذعر.
تلك الجوانب “غير الإنسانية” هي التي جعلت وزارة الإعلام مشكورة تمنع تلك البرامج، وقد حدت من ذلك كثيرا، ما دفع هؤلاء المفسرين إلى اللجوء إلى قنوات لا تتبع للوزارة ولا يمكن السيطرة عليها أو لجمها، والبعض الآخر منهم لاذ بمواقع التواصل الاجتماعي ودخل في كل شؤون الحياة حتى كرة القدم لم تسلم منهم، ووجدوا بعض المغفلين في القطاع الرياضي متعلقين بهم وبتفسيراتهم، التي يجانبها الصواب في أغلبيتها والأمثلة على ذلك كثيرة.
هناك أمر خطير في هذا الجانب وهو أشد خطورة من التعلق بالأوهام ومفسري الأحلام ألا وهو نظرتنا كمجتمع إلى هؤلاء المفسرين، فالكثير منا يتعامل ويتواصل معهم وهو ينظر إليهم كعلماء ومشايخ أجلاء، وبعضهم مع الأسف الشديد لا ينتمي إليهم إلا بالمظهر، والمظهر هنا ما هو إلا وسيلة للخداع.
أمس الأول كشف الشيخ الدكتور عبد الرحمن عبد الله السند الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن تورط عدد من مفسري الأحلام في قضايا ابتزاز للفتيات، وهذا الأمر دلالة على أن تفسير الأحلام أصبح سوقا رائجة يقتات به البعض على أوهام وأوجاع الناس، طالبين للمال أحيانا ولأمور أخرى في أحيان كثيرة.
لا أعلم الحكم الشرعي في التشهير بهؤلاء المبتزين من مفسري الأحلام، رغم يقيني بأن التشهير عقاب رادع لهم ولمن يسعى إلى الابتزاز، ولكن إن لم يسمح الشرع بالتشهير فأتمنى من جهاز الحسبة وهو النشط في قضايا الابتزاز أن يكثف من مناشطه التوعوية في هذا الجانب، فالكثير منا “مدرعم” في الحياة وربما يجد نفسه يوما ضحية لمبتز أو مبتزة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي