تجريف فكرة المواطنة
لا أحد سوى الأحمق يمكنه أن يحاكم أجداده بمنطق ومعطيات الحاضر. هذه البدهية، نجد أن نخبا يقفزون عليها، ويحاولون من خلالها الدفع باستشهادات مجتزأة، تحرض الناس على الغضب من الماضي والحاضر والمستقبل. وتسعى إلى التحريش بين الناس. وتراهن على إيقاظ الفتن النائمة. وتصر على تحويل كل كائن إلى كتاب تاريخ وجغرافيا وأدب لا يختزن سوى المتناقضات والأضداد، ويرفض الائتلاف والتصالح مع الإيجابي المتاح.
وهناك شرائح من حولنا، تمثل حالة تستحق الدراسة؛ إذ إنها تفني عمرها في تكريس الكراهية بين الناس، وإضفاء مزيد من عوامل الفرقة والاختلاف.
ونتيجة لذلك الواقع المرير، يعيش العالم العربي في أشد حالات الضعف، ويحتاج إلى الإنعاش.
إن من المعيب حقا أن تتسيد الأمية في كثير من المجتمعات العربية، ويتكرس الجهل والتخلف، وتغيب التنمية الحقيقية للمجتمعات.
هذا الأمر أدى إلى اختطاف أحلام الناس؛ وانساق بعض الأغبياء خلف عصابة "داعش" ورئيس العصابة أبي جهل البغدادي، ... ويدعم غي أولئك جيش من الدعاة المشبوهين، الذين يحاولون إضفاء مشروعية على تلك العصابة.
إن هذا المشروع المتطرف له جذور في العالم العربي. منذ أن تم انتزاع الهويات من الناس وصار دعاة الشر يكرسون فرية جنسية المسلم عقيدته.
لقد تم تجريف فكرة المواطنة، وصار أولئك يعيشون وهم العالمية بمنظور شديد الغلو والتطرف والتوحش والإجرام. وما زالت اصوات البعض تحمل نشازا تؤصل للتطرف في تآييد لفكر عصابة «داعش» وارهابها.
لقد سعدت وأنا أقرأ نقد وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف لمن أسماهم دعاة "معتدلين" -بحسب صحيفة الوطن أمس- كرسوا فكرة "عدم حب الوطن والانتماء إليه". هؤلاء لا يمكن اعتبارهم معتدلين، بل دعاة فتنة وإرهاب لا يمكن التفريط بالسماح بوجودهم على المنابر.