رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تحد اقتصادي نوعي .. الهجمة البيئية على النفط

انضمت شركة أرامكو إلى تجمع شركات نفط عالمية يضم لأول مرة شركات غربية وشركات نفط وطنية مثل "أرامكو" و"بيمكس" المكسيكية ومجموعة ريلاينس الهندية، ولكن كان لافتا غياب شركات النفط الأمريكية على الرغم من وجود "شل" و"برتش بتروليم" و"توتال" و"النرويجية". عشر شركات ظهرت ببيان مشترك "مبادرة المناخ ــــ النفط والغاز" استعدادا لمؤتمر الأمم المتحدة في باريس حول الحد من الكربون في نهاية 2015. مبادرة الشركات محاولة استباقية لإيجاد دور للشركات في الجدل المتشعب والمهم في التعامل مع استحقاقات شروط الحد من الانبعاثات الكربونية وغازات الاحتباس الحراري عامة وخاصة غاز الإيثان. ذكرت المبادرة عدة نقاط منها السعي نحو الفعالية، والأبحاث، وسبل التعاون بين القطاعين العام والخاص لتوفير الطاقة، والعمل على إحلال الغاز الأفضل بيئيا من النفط. استمعت إلى ندوة صحافية لرئيس "توتال" و"برتش بتروليم"، وكان الاهتمام بحضور "أرامكو" واضحا أكثر من أي شركة وطنية أخرى. مركزية الصناعة للمملكة لا تحتاج إلى إعادة هنا. ما يهمنا هو المخاطر والفرص المترتبة على التطورات التشريعية التي سوف تحدث لاحقا. التطورات التشريعية تقود إلى أنماط اقتصادية قد لا تخدمنا ولكن علينا المشاركة في رسم السياسيات والصياغة.
ذكر رئيس البنك المركزي الإنجليزي أنه حان الوقت للتسريع للابتعاد عن الطاقة الهيدروكربونية. من الواضح أنه يعبر عن توجه ولكن ما زال النفط رقما صعبا في معادلة الطاقة، ولكن هذا نذير بمخاطر في الأفقين المتوسط والبعيد إذ إن التحول في خليط الطاقة سيأخذ عقودا، فمثلا ما زال الفحم يستخدم حتى مع تغير إيجابي في اقتصاديات الطاقة الشمسية. ولكن اقتصاديات الطاقة والتوجسات المؤثرة حول الصناعة النفطية ودورها في الانبعاثات الكربونية والاستحقاقات التشريعية والتكاليف التي ستنتج عنها من ضرائب ورسوم، تستحق منا الاهتمام والتعامل معها بحرص. بعض الحراك بطيء مثل ما حدث مع التبغ ولكنه أخيرا أخذ صورة جدية تحولت إلى تكاليف وحد من الطلب أو تحوله إلى دول أقل أهمية اقتصادية، التحول إلى دول أقل أهمية اقتصادية نذير بتحول في الأسعار الحقيقية النسبية بين أنواع الطاقة. العصر الحجري لم ينته بسبب نهاية الحجر ولكن بسبب تغيير في الاقتصاديات والقيم النسبية كما سبق أن ذكر أحمد زكي يماني وزير النفط الأسبق. اقتصاديا التكاليف البيئية عامة وتشكل في الغالب ما يسميه الاقتصاديون externalities ـــ تكاليف عامة ليست معنونة ولكن العالم أصبح صغيرا في ظل التوسع السكاني والنجاح الاقتصادي في دول كبيرة مثل الصين والهند وآخرين خاصة بعد ما تكون إجماعا حول التغيرات المناخية عالميا.
علاقتنا بالموضوع البيئي متشعبة، فالمملكة دولة تعتمد بقوة على إنتاج وتصدير النفط وكذلك تستهلك النفط بشراهة لا تتناسب مع حجم الاقتصاد الحقيقي "غير النفطي" حتى استهلاك النفط لدينا عال مقارنة بأغلب دول العالم إجمالا، وبالنسبة لنصيب الفرد المتوسط، كما أن مدن المملكة الكبيرة والمتوسطة بدأت تعاني آفة التلوث كمثيلاتها في العالم. بين عامي 1990 و2004 ازداد ثاني أكسيد الكربون في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بنحو 88 في المائة "تشكل دول الجزائر ومصر والعراق والمملكة والإمارات نحو 74 في المائة منها". وكان هذا ثالث أكبر مساهم للكربون في العالم وثالث أعلى نسبة نمو عالميا.

ما الحل؟
ليس هذا الجدل غريبا على المملكة لكنه في تسارع يحمل مخاطر. تقوم وزارة البترول وجهات حكومية أخرى بجهود كبيرة بملاحقة تطورات سريعة في توقعاتها بالتعجيل في إجراء تحولات اقتصادية داخلية مثل ما قام به مركز كفاءة الطاقة في إعداد معايير إلزامية للسيارات والمكيفات وغيرها، وتضافر جهود الوزارة مع دول أخرى تتقاطع معها مصالح متغيرة وتطورات تقنية لا يمكن التنبؤ بتوقيتها أو حجم تأثيرها في اقتصاديات الطاقة البديلة أو حتى صناعة النفط كما حدث مع النفط الصخري. الحل العميق أن نأخذ بسياسة شمولية تعاونية SaudiInc، حيث يكون هناك ترابط أكثر تفاعلية بين سياسة الدعم للطاقة وتوفير أكبر قدر للتصدير وتحسين البيئة حضريا وجعل مصادر الطاقة البديلة أكثر جاذبية، وهذا لن يتم دون إعادة هيكلة الدعم وتفاعل أكثر مع ما يدور في العالم. الفرصة تأتي في جعل قطاع الطاقة يقود إلى تغيير عميق في هيكلة الاقتصاد الوطني، كما يذكر أول بند في مبادرة الشركات دور الفاعلية ـــ علينا مزيد من تفعيل هذا البند داخليا ليكون في رتابة مع ما يتم خارجيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي