مكافحة التطرف في المدارس
نحن في حالة حرب شرسة مع التطرف الذي يهدد أمننا واستقرارنا الاقتصادي والاجتماعي، وشاهدنا جميعا كيف فتكت هذه التنظيمات المتطرفة بدول ذات سيادة. هذه الحرب الشرسة يتحمل عبئها الأكبر في المواجهة الأجهزة الأمنية برجالها الأكفاء الذين يضحون بأنفسهم بشكل يومي في مواجهة هؤلاء المجرمين القتلة. أما الجهد الاجتماعي في المواجهة فهو في نظري أقل مما يجب فعله. وما زلنا نطمح إلى جهد أكبر لمثقفينا، ودعاتنا، ومفكرينا وأيضا للمؤسسات الأخرى التي يعول عليها في مواجهة الفكر بالفكر وأبرزها الجامعات، والمعاهد، والأندية الثقافية، والمؤسسات الخيرية، والاجتماعية.
المتتبع للعمليات الأخيرة يلاحظ أن استهداف صغار السن وطلاب المدارس يعد هدفا من أهداف التنظيمات المتطرفة، ومعظمهم ترك الدراسة في المرحلة المتوسطة والثانوية، وصار سهل التوجيه والانقياد لتنفيذ ما يريده القادة الكبار للتنظيم حيث تتميز هذه الفئة العمرية عادة بالتأثر السريع، وعدم القدرة على تحليل الأمور بشكل صحيح، وأيضا حب الاندفاع والمغامرة.
وزارة التعليم اليوم أمام مسؤولية تاريخية في إنقاذ شبابنا من هذا الفكر المنحرف، وحمايتهم من الوقوع في براثنه. وإن لم تبادر الوزارة بهذه المهمة سيبادر الآخرون أصحاب الأهداف الخبيثة. علينا ألا نتساهل في هذا الأمر مطلقا فلدينا قرابة خمسة آلاف مدرسة للمرحلة المتوسطة، وقرابة ثلاثة آلاف مدرسة للمرحلة الثانوية ويدرس في المرحلتين ما يقارب مليونا ونصف المليون طالب، ولو تم تجنيد طالب واحد من كل مدرسة لمصلحة التنظيمات الإرهابية لأصبح عندنا ما يقرب من ثمانية آلاف متطرف سنويا.
الكل يعلم أن التجنيد قائم على مدار الساعة بفعل "مواقع التواصل الاجتماعي" التي زاد عددها على 30 ألف موقع كما تذكر الإحصائيات المتخصصة.
تستطيع وزارة التعليم أن تفعل الكثير لحماية طلابنا عن طريق الأنشطة اللا صفية بشكل منهجي ومنظم، وعلى سبيل المثال محاضرات أسبوعية للمشايخ الموثوق بهم، ولأعضاء هيئة كبار العلماء، برامج تدريبية فاعلة، مواد مرئية ومسموعة عن التنظيمات المتطرفة، تنظيم مسابقات أو معارض فنية بشكل غير تقليدي تفضح هذا الفكر المتخلف.
كما يمكن استضافة عدد من ضباط الأمن العام أصحاب التجربة في التعامل مع هذا الفكر ليقدموا للطلبة المعلومات بأسلوب شيق ومثير يتناسب مع اهتمامات وميول هذه المرحلة.
كما يمكن للمدارس التنسيق مع أجهزة المباحث العامة في المناطق في جدولة زيارات منتظمة لطلبة المدارس تكشف الجهود العظيمة لهذا الجهاز ودوره في حماية الوطن، وكذلك تنظيم زيارات منتظمة لمركز "الأمير محمد بن نايف للمناصحة" للاستماع مباشرة إلى اعترافات بعض المتطرفين الذين أعلنوا توبتهم بصدق واكتشفوا أنهم كانوا ضحايا خداع وأوهام واستخدمهم الآخرون ثم تركوهم يواجهون مصيرهم.
هذه الأفكار التي أوردتها هنا يمكن أن يضيف الآخرون عليها متى ما أصبحت جزءا من النشاط اليومي لمدارسنا. ولابد للوزارة أن تولي الأمر أهميته وتحاسب وتتابع من لا يتعاون في تنفيذه فمستقبل الوطن وشبابه أهم من مجاملة أفراد غير منتجين لا يستشعرون الخطر المحيط بنا.