أسئلة عن تعليق سهم «موبايلي» وإعادته
أصدر مجلس هيئة السوق المالية قراره قبل أسبوع تقريبا، بخصوص تعليق تداول سهم شركة اتحاد اتصالات "موبايلي" في السوق المالية السعودية "تداول"، اعتبارا من يوم الأحد 28/12/1436هـ الموافق 11/10/2015 إلى حين صدور إيضاح من الشركة عن القرارات الابتدائية الصادرة من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، بشأن الدعاوى المرفوعة من بعض المستثمرين بشأن التعويض عن الخسائر التي لحقت بهم بسبب القوائم المالية التي أصدرتها الشركة. ثم لم يمر يوم واحد حتى أعلنت هيئة السوق المالية رفع تعليق تداول سهم الشركة أي ابتداءً من يوم الإثنين 29/12/1436هـ الموافق 12/10/2015. فلماذا صدر قرار التعليق ولماذا تم رفعه؟ هذا هو السؤال الأول؟
لعل المسألة سهلة نسبيا، طلبت هيئة السوق المالية من شركة موبايلي إعلانا حول نتيجة قرار لجنة الفصل في المنازعات وعلقت السهم، ثم قامت الشركة فورا بنشر الإعلان الذي يشير إلى اتخاذ لجنة الفصل في المنازعات قرارا ابتدائيا بعدم التعويض، وبالتالي تم رفع التعليق فورا، وهكذا فإن المسألة لا تستدعي أي نقاش وهي قضية عابرة. في اعتقادي الشخصي أنها ليست كذلك. بل هي مسألة جديدة على السوق المالية السعودية، وتستدعي الوقوف عندها كثيرا. لقد رفعت الدعاوى على أساس أزمة تعديل القوائم المالية التي أصابت "موبايلي" خلال العام الماضي وتسببت في تعديل سعر السهم من 90 ريالا حتى وصل إلى أقل من 60 خلال أسبوع واحد فقط. ولهذا فقد قرر عدد من المستثمرين المتضررين رفع الدعوى ضد الشركة بسبب أنهم بنوا قراراتهم على معلومات زودتهم بها الشركة وهي تعرف أنها مضللة لهم، "بدليل كف الرئيس التنفيذي عن العمل". تم رفع الدعوى أمام لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، وترقب كثير من المحللين نتائج هذه الدعوى لأنها ستكون مفترق طرق أمام "موبايلي" والسوق المالية ككل، وفعلا تسلمت الشركة يوم الأحد 28/12/1436هـ الموافق 11/10/2015 أول قرارات صادرة من لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية بشأن بعض هذه الدعاوى، لكنها لم تعلن نتائج ذلك القرار، فورا.
تنص المعايير المحاسبية على أنه يجب على أي شركة تتعرض لمثل ما تعرضت له شركة موبايلي من قضايا أن تلتزم بالإفصاح عنها ضمن ما يسمى بالالتزامات المحتملة Contingent liabilities، تحت بنود الإيضاحات المرفقة، وأن توضح بشكل جلي تقديراتها بشأن تلك الالتزامات والقضايا ومدى جوهرية مبلغها واحتمالية حدوثها، وعلى المراجع الخارجي بذل العناية المهنية اللازمة من أجل التأكد من صحة تقديرات الشركة بشأن هذه الالتزامات والقضايا. وفي قوائم عام 2014 وفي القوائم الربعية للربعين الأول والثاني من عام 2015 قامت شركة موبايلي بالإفصاح عن قضية المستثمرين، وهذا نص أحد الإيضاحات: "بالإضافة إلى ذلك، هناك 147 قضية مرفوعة من قبل عديد من حاملي الأسهم ضد الشركة لدى لجنة الفصل في منازعات الأوراق المالية، ولا تزال قيد النظر من قبل هذه اللجنة. تعتقد إدارة الشركة ومجلس الإدارة أن من المستبعد أن يكون هناك أي التزامات إضافية جوهرية ناشئة عن هذه القضايا". انتهى.
وهذا يشير إلى أن شركة موبايلي تتعرض لعدد من القضايا، من ضمنها قضية المستثمرين، وبينت أن هناك 147 قضية بدأت في كانون الأول (ديسمبر) عام 2014، وقد تم الإفصاح بالطريقة المحاسبية المعتبرة، وتبين أن المراجع بذل عناية مهنية مناسبة، حيث إنه قام بتعديل عدد من الإيضاحات الأخرى التي ترتبط ببنود الالتزامات المحتملة، وهذا يشير إلى أنه مهتم بهذا البند في قوائم "موبايلي"، لم يهمل دراسة هذه القضايا طالما هو قد عدل في بعض البنود الأخرى ذات الصلة.
والسؤال الآن: إذا كانت شركة موبايلي قد أفصحت باستمرار وبمهنية عن هذه القضايا، وأنها ملتزمة بالمعايير المحاسبية، وأن قرار لجنة الفصل في المنازعات قد صدر في الاتجاه نفسه الذي تنبأت به "موبايلي" وأفصحت عنه، وأنه لم يكن هناك تغير جوهري فعلا، وأن الشركة تسلمت القرار يوم الأحد 28 /12، فلماذا تصدر هيئة السوق المالية قرارها بتعليق التداول في اليوم نفسه؟ ثم لم تمر 24 ساعة حتى تمت إعادته؟ ألم تقرأ هيئة السوق المالية قوائم "موبايلي" طوال الأشهر الستة؟ وإذا كانت المسألة على هذا النحو فهل علينا من الآن فصاعدا أن نواجه عاصفة من تعليق أسهم الشركات التي لديها التزامات محتملة وهي كثيرة؟
لقد تعرض سهم "موبايلي" لعدد كبير من التعليقات وعانى المستثمرون فيه هذا الوضع، فكل تعليق يشير ـــ شئنا أم أبينا ـــ إلى رسالة سلبية، والتعليق الأخير بالذات لم يكن له مبرر، وكان يكفي هيئة السوق أن تنتظر القوائم الربعية أو أن تطلب من "موبايلي" الإفصاح دون التعليق. التعليق سلاح في يد هيئة السوق المالية لمصلحة المساهمين والمستثمرين، وليس للضرر بهم.