يا سايق التاكسي
تسابقت صحف إلكترونية محلية إلى نشر مقطع يمارس فيه شاب متغطرس الاستقواء على سائق تاكسي مواطن. وقد سبق ذلك انتشار المقطع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
كالعادة اشتعل “تويتر” بالغضب. الغضب من جريمة إلكترونية مكتملة الأركان. والغضب من بعض التعبيرات التي لا يسوغ أن يرددها مواطن ويقولها لمواطن آخر. والغضب من تهديد هذا الشاب المجرم لسائق التاكسي بالشرطة، مع أن الشرطة ستنتصف حتما لسائق التاكسي ضد هذه الرعونة والاستقواء. وسوف تجلب الشرطة هذا الشاب وتقدمه للمحاكمة.
لم يكتف الشاب بتوثيق جريمته وتطاوله ضد السائق، ولكنه قام بتصوير نفسه في نهاية المقطع، وكأنه يريد استدعاء صورة عنترة أو أبو زيد الهلالي.
كان الأمر متصلا بما يسميه البعض “الهياط”.. هذا السلوك الذي تزايد أخيرا من بعض الأشخاص، ولا شك أن الدولة كانت ولا تزال تقف لمثل هؤلاء بالمرصاد.
عندما تتأمل الفيديو من جديد، تجد شخصا مسالما، يركب سيارته بشكل يومي طلبا للرزق، لا يرغب في الدخول في مشكلات مع أحد.
في الصورة المقابلة تجد شخصا آخر، معجون بسوء الخلق وفساد الطبع وصلف القوة الوهمية وعجرفة الجهل، هو يجهل أنه حتى لو وجد شيئا ضد القانون فلا يمكنه أن يطبق القانون. ويجهل أن تصويره للمقطع، يتجاوز أذاه كجريمة الجانب الشخصي الذي وقع على الشخص المعتدى عليه؛ فهو قرينة ستجد من يوظفها للإساءة للمجتمع بأكمله.
إنني أكتب هذه المقالة، وأنا واثق من ضبط هذا الشخص ومعاقبته، ولكن يبقى السؤال الذي يتكرر دوما: لماذا يلجأ الحمقى إلى توثيق حماقاتهم وبذاءاتهم وقذاراتهم؟! هذا الفيديو الذي ينتشر ولم أكن أتمنى أن أراه، حتى إعادة تدويره أو توظيفه للتحريش والتحريض ضد المجتمع وأطيافه يندرج ضمن الجرائم الإلكترونية.
لقد أثلج صدري ردة الفعل الاجتماعية تجاه سلوك هذا الشاب، وتطاوله على سائق التاكسي. لقد أضاء الشريط نقاطا بيضاء كثيرة في نفوسنا جميعا، فصار لسان حال الجميع يردد “ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”. والحمد لله أن هؤلاء السفهاء قلة ضئيلة، لكن أفعالهم الرديئة تسلط الضوء على تجاوزاتهم.