حراج الأسلحة المغري

والمنطقة فيما يبدو تدخل حربا باردة، يبدو المشهد كما لو أننا في جبهة ضخمة. حروب استنزاف، الرابح الأكبر فيها تجار السلاح. حتى أزمة «داعش»، تبدو كأنها منجم للألماس في المنطقة بالنسبة لشركات السلاح. شركة لوكهيد مارتن تلقت آلاف الطلبات لمزيد من صواريخ هيلفاير، شركة أيه إم جنرال لديها تعاقدات بتزويد العراق بـ 160 مركبة همفي أمريكية الصنع. وصفقات أخرى لذخيرة دبابات من شركة جنرال ديناميكس الأمريكية، عدا مدرعات ومروحيات ومقاتلات من طراز سوخوي وميج ودبابات من نوع أبرامز الأمريكية، والمئات من راجمات الصواريخ ومدافع الهاون. السلاح والأعمال العسكرية واللوجستية والدفاعية والاستشارية، كل ذلك تقوم به شركات أمريكية. العراق، وأفغانستان كذلك، مصدران لثراء عشرات الآلاف من الشركات والوكلاء.
وروسيا هي الأخرى جعلت من سورية حقل تجارب لصواريخها وأسلحتها الجديدة، كتجربة سلاح الجو الروسي للمقاتلة من طراز سوخوي 34 لأول مرة في الأجواء السورية، التي لم يسبق أن استخدمتها. الطائرات الروسية في سورية من النوع الأكثر تقدما، وطائرات سو-34 وسو-30 مثلا، مخصصة لمنح التفوق الجوي ومواجهة قوى عظمى مقابلة في حال الاضطرار، وليس لقصف المواقع الأرضية أو مواجهة «داعش».
وقد نشرت تقارير غربية عدة سابقا حول الهبوط الحاد لمصانع السلاح الأمريكية، وذلك بسبب انتفاء الحاجة العالمية. تجارة السلاح في أمريكا تدر مليارات الدولارات، كذلك الأمر بالنسبة لروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا. وحروب المنطقة بطبيعة الحال هي الدجاجة التي تبيض ذهبا. إذن فاللعبة بدأت بترويج التهديد الأمني ونفخه وضخه إلى أبعد مدى، لبيع الأسلحة التقليدية القديمة المخزنة منذ ربع قرن. الأزمات الاقتصادية في الغرب التي تهدد بالانهيار، كانت تحتاج إلى منافذ عاجلة لتصريف السلاح، ولا سيما القديم منه. من هذه الأزمات الاقتصادية المدروسة إمكانية انهيار الدولار عام 2015، لذا فالحروب هي أسرع عملية إنعاش للاقتصاد.
والشرق الأوسط هو السوق المغري الذي يستهلك فيه أكبر عدد من الطلقات النارية، والرصاص، والصواريخ والدبابات، والطائرات. وعلى خلفية شبح النووي الإيراني، عقدت صفقات أسلحة بمليارات الدولارات من أمريكا وفرنسا وروسيا وغيرها. هذا الأمر أشعل إيران في المقابل، فصارت تحاول استعراض سلاحها المحلي والمستورد هي الأخرى، في كل مرة يعلن فيها عن صفقات أسلحة. وقد عرض التلفزيون الإيراني قبل أيام فقط صورا لقاعدة إيرانية تحت الأرض بصواريخ متعددة، بعد أيام من تجربة إطلاق صاروخ باليستي، عدته أمريكا على الأرجح انتهاكا لقرارات مجلس الأمن. أما الرسالة فيما يبدو، فليست سوى استعراض مسرحي ركيك. والنظام السوري كذلك، فقد اشترى أسلحة من روسيا خلال سنوات ربما ما لم يشتره في تاريخه من السلاح، وذلك بمئات المليارات من الدولارات.
المنطقة تبدو كأنها تجسيد للعبة حربية إلكترونية لا تنتهي، أو كما لو كانت حراجا ضخما لتصريف الأسلحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي