رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


تجارب الحكومة الإلكترونية.. في المجتمع السعودي

إن الرهان على استخدام أجهزة الحاسوب في كل أوجه حياتنا أصبح خيارا استراتيجيا وحتميا، حيث نستطيع القول، إن مظاهر تطبيق وتعميق برامج الحكومة الإلكترونية في السعودية.. بدأت تظهر بشكل ملموس في كثير من المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص، وبالذات في المصارف والجامعات، بما يؤكد أن مشروع الحكومة الإلكترونية يحقق نجاحا ملموسا على كل الصعد، بل حتى على الصعيد الشخصي فقد اتسعت رقعة استخدام الحاسب الآلي لدى الأفراد ومؤسساتهم الفردية واتسع معها استخدام الحاسب الآلي في علاقات الأفراد مع المصارف ومع المؤسسات الحكومية، وانخفض عدد المراجعين لبعض المؤسسات الحكومية والمصارف والجامعات مع انتشار الثقافة الرقمية.
إن شخصية المواطن الرقمي التي أصبحت تهيمن على الشارع في الدول المتقدمة. بدأت تظهر بشكل واضح في الشارع السعودي، وما نقصده بالمواطن الرقمي هو المواطن الذي يستطيع أن يستخدم ويتعامل مع الخدمات الإلكترونية المتوافرة له بكفاءة وسهولة، بمعنى أن المواطن الرقمي هو المواطن الذي سيعتمد بشكل فاعل على تقنية المعلومات لإنجاز معاملاته بكفاءة أكبر وجودة أعلى من خلال مكتبه أو منزله.
لقد لاحظنا أخيرا أن وزارة الخدمة المدنية تطارد الوزارات والمؤسسات الحكومية لتطبيق برامج الحكومة الإلكترونية، والدخول في سباق تطبيق برامجها المعرفية المتنوعة، وإلا فإن قطار الحكومة الإلكترونية سيغادرها ويحكم عليها بالتخلف.
وإذا شئنا أن نختار نموذجا من الوزارات التي حققت تقدما لافتا في مجال تطبيق الحكومة الإلكترونية، وكذلك في مجال تعريف المواطن الرقمي، فإن وزارة الداخلية على الرغم من أعمالها وعلاقاتها المتشابكة مع مستويات مختلفة من الجمهور استطاعت أن تحقق تقدما مذهلا في التعاطي مع أعمال الحكومة الإلكترونية، فكثير من البيانات تنفذ وتسدد رسومها من قبل الجمهور في المنازل إلكترونيا، كذلك فإن بطاقات الأحوال المدنية الجديدة، ورخص السواقة، ونمر المركبات والعربات، وجوازات السفر حتى الإقامات، ثم استكملت وزارة الداخلية تطبيق نظام البصمة إلكترونيا حتى تتمكن من ضبط حدودنا أمنيا ضد قوى الإرهاب والتهريب والخارجين على القانون وتجار السلاح والتأشيرات.
ولا شك أن هذا الانتشار الواسع الأرجاء لبرامج الحكومة الإلكترونية في مجتمعنا السعودي.. سيفرز المواطن الرقمي الذي يتعامل مع برامج الحكومة الإلكترونية في كل المواقع بكفاءة عالية تدفع المجتمع السعودي إلى مزيد من التقدم باتجاه اقتصاد المعرفة.
وإذا تتبعنا أنشطة الجامعات السعودية.. نجد أن الجامعات السعودية وضعت في صميم برامجها ونشاطاتها مسؤولية إحداث النقلة المعرفية والتكنولوجية في فكر وعقل المجتمع، صحيح أن جامعة الملك عبدالله للتقنية ستكون منارة لعلوم التقنية بحكم التخصص وقوة التخطيط، إلاَ أن الجامعات السعودية أصبحت لها توجهات ذكية وأيضا أصبحت لها منهجية واضحة نحو مسؤولية بناء مجتمع المعرفة السعودي، ونذكر على سبيل المثال أن آخر برامج جامعة الملك سعود المعلن هو "وادي الرياض للتقنية"، ويؤكد البرنامج أن تطويرا استراتيجيا حقيقيا طرأ في أداء الجامعات السعودية، حيث إن تلقين الدروس النظرية للطلاب لم يعد هدفا رئيسا للجامعات، بل إن دور الجامعات أصبح يتمثل في إعادة هيكلة وتأهيل المجتمع للدخول في عصر المعرفة، والانتقال من مستوى الدولة النامية إلى مستوى الدولة المتقدمة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، ولذلك فإن مشروع "وادي الرياض للتقنية" يهدف إلى إحداث ديناميكية بحثية داخل الجامعة الذكية من أجل توظيف الكفاءات القادرة على الإسهام في إنماء المؤسسات الاقتصادية المبنية على الابتكار واكتساب التقنية ونقلها وتوطينها لإرساء الاقتصاد المعرفي في المملكة.
وكما هو واضح ليست السعودية غائبة عن تكنولوجيا المعرفة، فقد أرست بناء عديد من مؤسسات تقنية المعلومات، وطورت من أداء الجامعات ثم دعمت التوجه نحو تنظيم المؤتمرات والمنتديات للتوسع في التعاطي مع تكنولوجيا المعرفة، كما أن مراكز البحوث المستقلة والتابعة للجامعات باتت تضع البرامج والمشاريع الهادفة إلى نقل وتوطين التقنية للحاق باقتصاد المعرفة الذي سيصبح في القريب العاجل مصدرا مهما من مصادر الدخل الوطني، بمعنى حتى تكون التكنولوجيا مصدرا من مصادر الدخل الوطني، فإنه لا بد من تأسيس بنية أساسية قوية في مجال التكنولوجيا وتهيئة المناخ الداعم لإجراءات جذب رؤوس الأموال الضخمة من الشركات المحلية والعالمية الكبرى.
وعلى هامش الحكومة الإلكترونية والمواطن الرقمي، فإن قراء الصحف والكتب والدوريات عبر المواقع الإلكترونية أخذ يسجل تزايدا لافتا، كما أن دخول المزيد من المواطنين على خطوط استخدام الكمبيوتر في مجالات التجارة الإلكترونية أو على صعيد بناء المواقع والمنتديات والمدونات.. يؤكد كفاءة المواطن الرقمي وقدرته على الإسهام في نمو برامج ومشاريع الاقتصاد المعرفي.
وفي ضوء ذلك نستطيع القول، إن الفجوة المعرفية بين الشرق والغرب أو بين الشمال والجنوب بدأت تضيق بشكل واضح، فقد ارتفعت مكانة الكثير من الدول الآسيوية في سماء تكنولوجيا المعرفة ودول مثل الهند والصين وماليزيا وسنغافورة وكوريا والسعودية.. حققت وتحقق تقدما صارخا في هذا المجال الدقيق.
إن المشاريع والبرامج التي تم تنفيذها في مجالات التقنية على الأرض السعودية والاهتمام الملموس على كل المستويات.. تؤكد عمق إدراكنا للدور المعرفي وأهمية إعادة تشكيل ثقافة المجتمع السعودي للاستفادة من الثورات التكنولوجية المتلاحقة، ونتيجة لكل هذا نستطيع الجزم بأن المواطن الرقمي هو مواطن فاعل في برامج الحكومة الإلكترونية، وسوف يتنامى دوره في المساهمة في بناء الاقتصاد المعرفي الذي نأمل أن يكون الأساس في أن تصل المملكة قريبا إلى الصفوف الأولى مع دول النمور والأسود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي