رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


السياحة في الأحساء والعقير .. ومفاجآت العيد

اخترت - بعد التشاور مع الأسرة - شرق المملكة لقضاء جزء من إجازة عيد الأضحى، فانطلقت الأسرة مساء يوم السبت الخامس من ذي الحجة إلى الهفوف، وبعد الوصول والاستقرار في أحد الفنادق الجيدة، بدأت الإجازة مع طيبة سكان الأحساء، الذين يبادلونك الابتسامة والبساطة في التعامل، ولا يترددون في دعوتك لمساكنهم بعد سؤالهم عن أي طريق أو معلم سياحي.
في الصباح الباكر حددنا المعالم الرئيسة في الأحساء، ومنها جبل القارة، ومسجد جواثا، وميناء وشاطئ العقير. وبدأت رحلة اليوم الأول إلى جبل القارة الذي جمعت عنه معلومات في وقت سابق، من أجل العمل كمرشد سياحي للأسرة، وبعد الوصول فوجئت الأسرة بخيبة أمل. لقد وجدنا الجبل تحيط به النفايات في كل جانب، فتساءلت: أين بلدية الأحساء؟! ولكن خيبة الأمل الكبرى كانت عندما وجدنا الطريق المؤدي للكهف الرئيس مغلقا، وعلمنا لاحقا أن الإغلاق كان منذ ستة أشهر، ولم تكن خيبة الأمل لنا فقط، فبجوار المدخل يوجد بعض الزوار من الأوروبيين القادمين من الخبر، وغيرهم. وقد اعتدنا في مثل هذه الحالات أن يبقى المكان السياحي مفتوحا جزئيا للزوار القادمين من بعيد، لحين اكتمال أعمال الصيانة، خاصة في الإجازات والمواسم السياحية، ولكن أن يغلق لمدة ستة أشهر، ويمنع الناس من الدخول، فهذا من اختراعات بلدية الأحساء الموقرة. بعدها طمأنت الأسرة بأنني سأعوضهم برؤية مسجد جواثا، وهو أول مسجد تقام فيه صلاة الجمعة في الإسلام بعد مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام، وتحركت السيارة في اتجاه ذلك الموقع. وبعد 20 دقيقة تقريبا وصلنا للمسجد، فقابلتنا "لوحة" حمراء اللون تشير إلى أن الموقع مغلق، وظهر لنا الموقع كئيبا وأشجاره تصارع الموت والجفاف. فتساءلت: أين بلدية الأحساء؟! وهنا لم تخطر في ذهني إلا إجابة واحدة، هي: أن أمانة الأحساء في إجازة، وقد اختارت منح منسوبيها إجازة العيد! وقمت بالتأكيد لأفراد أسرتي بأنني سأعوضهم بالسباحة في مياه شاطئ العقير الصافية النظيفة. وبعد شراء التموين الكافي للرحلة من ماء ومأكولات، بعضها من سوق الخضار الذي مررنا به بالمصادفة، ويقع في ناحية من المدينة. وأثناء التبضع من ذلك السوق تذكرت أسواق الخضار في بعض المدن والقرى قبل 40 سنة، فالسوق عبارة عن "صنادق" من قطع الأخشاب البالية وصفائح الحديد القديمة. فأدركت أن بلدية الأحساء - فعلا - في إجازة طويلة!
أخذنا طريق الجشة صوب شاطئ العقير، وبعد الوصول شاهدنا قلعة قديمة من الطين تتربع فوق هضبة مرتفعة عن الأراضي المجاورة، فاتجهنا ناحيتها وبعد الوصول وجدناها مغلقة، ولا يمكن الاقتراب منها أو حتى تصويرها بوضوح لوجود السياج الحديدي المرتفع، فأدركنا أن عدوى الاسترخاء والراحة امتدت إلى الهيئة العليا للسياحة التي أغلقت الموقع دون صيانة أو معلومات تفيد الزائر. وهذه خيبة أمل أخرى في سياحة داخلية ماتعة!!
بعد ذلك حاولت تعديل مزاج أفراد الأسرة المتردي، قائلا إن هدفنا ليس رؤية قلاع وحصون، وإنما السباحة في البحر النظيف، فدب الحماس والنشوة في أجسادهم مع رؤية مياه الخليج الزرقاء. أخذتهم لميناء العقير القديم والتقطنا بعض الصور التذكارية، وكان جميلا، مع أن القلعة الرئيسة بالقرب من الميناء كانت مغلقة أيضا!
أخذنا جولة بالسيارة حول الشواطئ الجميلة التي تعانق أمواجها سعف النخيل الباسقات لتضيف جمالا على جمال الشواطئ الزرقاء الجميلة. وبعد جولة قصيرة، استقر بنا الأمر في نهاية الكورنيش بعيدا عن بدايته المزدحمة بالناس، في مكان من أروع الشواطئ التي رأيت من حيث نظافة مياهها ونعومة رمال قاعها!
أخذنا قسطا من الراحة وأكلنا بعض المأكولات الخفيفة، ثم انطلق جميع أفراد الأسرة للسباحة في مياه البحر النظيفة الدافئة. وأثناء استمتاع الأسرة بالسباحة، كانت هناك سيارة تابعة لسلاح الحدود تتجول ذهابا وإيابا، فشعرنا بالاطمئنان بوجود جهات أمنية تحمي مرتادي الشواطئ، ولكننا فوجئنا بتوقف تلك السيارة وإبلاغنا بسرعة الخروج لوجود "بلاغ" بمنع السباحة في ذلك المكان، وذلك بأسلوب ينقصه "الاحترام" و"اللباقة"! لقد كانت خيبة أمل أخرى، أثارت التساؤل: كيف تقوم جهات أمنية هدفها حماية الحدود البحرية بإدارة المنشآت السياحية؟! أليس هناك جهات مسؤولة عن إدارة المنشآت السياحية؟! لا أعرف الإجابة، ولكني أعتقد أن السبب أن بلدية الأحساء وهيئة السياحة تتمتعان بإجازة العيد، فأوكلتا المهمة لغيرهما! وبوجه عام، وعلى الرغم من بعض المنغصات، فإن الرحلة كانت مفيدة للاطلاع والتعرف على أرجاء بلادنا الغالية.
أخيرا، أقدم لكم أجمل التهاني بالعيد، وأدعو المولى القدير أن يعيده علينا وعليكم وعلى وطننا الغالي بالأمن والتطور والازدهار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي