شخصية المملكة العربية السعودية (2)

سعدت بأكثر من اتصال أثير عقب مقالتي السابقة عن شخصية المملكة العربية السعودية.
مجمل الآراء كانت تركز على أهمية إعلاء جميع المكونات الحضارية التي تتمتع بها المملكة، وفي المقدمة الإرث الديني الشامخ، فالمملكة إلى جانب أنها مهبط الرسالة الإسلامية، شهدت رسالات سماوية أخرى، شواهد ذلك نجدها في أماكن عدة من بينها مدائن صالح.
ورغم بداهة هذه المعلومة إلا أن كثيرا من أبنائنا يجهلونها، كما يجهلون مكونات حضارية كثيرة تتمتع بها المملكة. وهذا الجهل، انتقل إلى الخارج، إذ كان عرب الشمال دوما يتباهون بحضاراتهم العريقة، زاعمين أن حضارة الخليج العربي تتمحور حول مسألة ثروة النفط الطارئة. ومع الأسف، كان تسويق هذه المقولة يقابله دفاع ضعيف.
لقد اهتمت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني خلال الأعوام الماضية بإبراز المكونات الحضارية للمملكة من خلال المعارض الخارجية التي نظمتها.
وقد لقيت هذه المعارض أصداء إيجابية. ونحن بحاجة إلى إثراء الصورة محليا وعربيا وعالميا. وهذه المهمة تتطلب إسهام مفكرينا وكتابنا في إثراء الصورة عن شخصية السعودية.
أحلم بأن أقرأ يوما كتابا شاملا على غرار المشروع الذي أنجزه جمال حمدان عن شخصية مصر.
أحلم بأن يتصالح الجميع مع فكرة أن المكونات التي تشكل حضارة أي مجتمع تتعانق ولا تتضاد. إن في مجمل التاريخ الحضاري الإنساني دروسا وعبرا.
مكونات الحضارة في مجملها هي محصلة مشاركة إنسانية فاعلة. في المملكة أغنانا الله بالمكون الحضاري الإسلامي؛ إذ تشكلت القوة الحضارية الإسلامية على ثرى هذه الأرض الطاهرة. كانت الرسالة الإسلامية ولا تزال رسالة خير عالمية. لقد انطلقت هذه الحضارة إلى مختلف أصقاع الدنيا، وكانت مثار إعجاب وتقدير العالم.
واستطاعت الحضارة الإسلامية حماية الموروث الحضاري الإنساني، ونقلت الفلسفات والآداب الإسلامية من خلال ترجمتها إلى اللغة العربية. وأضافت الكثير للعلوم والفلسفات والآداب.
لم تكن الحضارة الإسلامية في يوم من الأيام حضارة تدميرية، كانت رسالة عمارة للأرض والكون. كانت هبة من الرحمن للبشرية جمعاء.
لقد فقد بعض من يتصدون للحديث عن فكرنا الإسلامي والحضاري الذاكرة، إذ تسيدت في المشهد الحالي أفكار الغلو والتطرف الذي أشاع نهجا تدميريا للآثار الحضارية العالمية. هذا الاستقواء من "القاعدة" و"داعش" وسواهما، ترك آثارا سلبية وأشاع ظاهرة الإسلاموفوبيا.
إن مواجهة هذه الظاهرة يتطلب جهدا من أجل مسح هذه الصورة السلبية. سوف يزول "داعش" و"القاعدة"، ويبقى أن نؤسس لتقديم الشخصية الحقيقية لكل مجتمع.
دوما تبقى شخصية المملكة العربية السعودية، نابضة بالفعل الحضاري والتفاعل الإنساني. المملكة من بين أكثر الدول المانحة على مستوى العالم. هذا جزء من شخصيتنا التي يجهلها الكثير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي