لا تقدموا «التافهين» مع علية القوم
في الإعلام الجديد حرية مطلقة لا رقيب ولا حسيب، مشاهد أحيانا تكون خادشة ومبتذلة وأحيانا مقززة، وفي أحيان كثيرة براعة في صناعة "التفاهة" والحديث الذي لا معنى له. المتلقون مع الأسف الشديد بالآلاف أغلبهم من صغار السن القابلين للتأثر والتقليد بكل سهولة.
هؤلاء المشاهير الجدد أو من يسميهم البعض "التافهين"، نحن من صنعهم، ونحن من قدمهم على الآخرين من علماء ومفكرين ومثقفين، نحن من جعل منهم مشاهير وفي أحيان أساطير من خلال متابعتهم والتصفيق لهم والترويج أيضا لتفاهتهم.
الكثير ممن يروج لمقاطع هؤلاء المشاهير، لا يقدرهم كثيرا ولا يحترمهم ولكنه يروج لسخافاتهم من باب "زرع الابتسامة" ولو كانت الوسيلة هي "الكوميديا التافهة"، غير مكترث بالأضرار التي قد تطرأ على شخصية النشء الذي يمكن أن يتأثر بما يشاهد وربما يتخذ هذا "التافه" قدوة له.
لا شك أن السيطرة على الإعلام الجديد ومراقبته تعد مهمة مستحيلة في ظل تجدده المستمر، ولا يوجد لدينا وسيلة لوقف مثل تلك السخافات التي تقدم من خلاله إلا التوعية وهي مع الأسف غير مجدية بشكل حاسم وكامل.
المصيبة والطامة أن وسائل إعلامية كبرى تقدم نفسها بـ "المحترمة" أصبحت تحتضن هؤلاء وتروج لهم وتنشر مقاطعهم وتقدمهم كمفكرين ومثقفين وأصحاب رأي وواعظين أحيانا، وتسهم بشكل مباشر في إشهارهم.
والطامة الأكبر من تلك أن جهات حكومية "محترمة"، أيضا تحتضنهم وتروج لهم وتقدمهم في مهرجاناتها ومنتدياتها وورش العمل التي تقيمها لتوعي الناس وتثقفهم في تناقض فاضح وواضح بين ما يقدمونه والغاية من جلبهم واستقطابهم.
قبل أيام شاهدت منشورا إعلانيا لأحد مراكز توعية الجاليات في العاصمة الرياض، قدم أحد هؤلاء المشاهير الجدد تحت مسمى إعلامي في حفل تكريم عدد من أفراد الجاليات في السعودية.
لا أعلم ما الذي دفع هذا المركز إلى وصف هذا "المهرج" بالإعلامي، هل هو الجهل أم الغباء؟ وكيف له ــــ أي المركز ــــ أن يحتضن تلك الجاليات ويوعيها وهو يقدم لهم "مهرجا"، وكيف لهم احترام "البضاعة" الفكرية وهي تمد لهم عبر يد "تافه".
بالطبع لا نعمم، ولا ننتقد كل ما يقدمه لنا الإعلام الجديد، فهناك محترمون وأصحاب فكر نير يستفيد منه المجتمع والوطن، ولكن مع الأسف الشديد أصبح التافهون هم المشاهير وهم من علية القوم ومن هنا وجب التنويه.