رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الوطنية في العقول الإيجابية

قال أحد الشباب إن معدلات الرواتب في معظم الدول الخليجية أعلى منها في السعودية فرد الثاني ولكن فرص العمل والاستثمار في بلادنا أكثر وأوسع والمنافسة أقل حدة وبالتالي فرص النجاح كبيرة.
الشاب الأول انحصر تفكيره السلبي تجاه بلاده في معدلات الرواتب مقارنة بالدول الخليجية الأخرى كالإمارات وقطر والكويت فأصابه الإحباط، بينما وسع الشاب الثاني تفكيره الإيجابي ليشمل فرص العمل كما ونوعا والفرص الاستثمارية وحدة المنافسة ليخلص إلى حقيقة أن بلادنا لا تقل بل تفوق البلدان الخليجية الأخرى في الفرص الاقتصادية فانطلق للعمل بروح الأمل والتفاؤل وشتان بين التفكيرين وما يبنى عليهما من مواقف وسلوكيات ونتائج.
كلا الشابين يريد ويسعى لتكون حياته أفضل ومليئة بالسعادة والرفاهة والنجاح المتواصل ويعمل جاهدا ليجلب لنفسه المصالح ويدفع عن نفسه الضرر إلا أنهما اختلفا في طريقة التفكير فالأول تفكيره سلبي يضع العوائق الخارجة عن إرادته حاجزا بينما الثاني تفكيره إيجابي يضع الفرص البينة حوافز لإطلاق قدراته وطاقاته للوصول إلى غاياته وتحقيق السعادة له ولمن حوله في إطار خدمة مجتمعة وبلاده.
النظرة للوطن من قبل المواطنين وأخص منهم الشباب الذين يمثلون الأغلبية يبدو لي مما أطلع عليه في منصات التواصل الاجتماعي يغلب عليها التفكير السلبي، إذ غالبا ما يكون الطرح متعلقا بالمشاكل والتذمر منها رغم أنها قضايا دائمة في جميع الدول مثل قضايا التعليم والصحة والبطالة والتلوث وحوادث المرور وغيرها ونادرا ما يكون الطرح حول التقدم والفرص والإبداعات، ولذلك غالبا ما يركن الشباب إلى التفكير السلبي بتبرئة أنفسهم مما يعانون ويعاني المجتمع ويطلبون العلاجات السريعة دون مشاركة منهم في حين نجد القليل ممن يركن إلى التفكير الإيجابي ويحمل نفسه جزءا كبيرا من معاناته ومعاناة المجتمع ويرى نصف الكأس المليء بالماء ويفكر ويعمل ويجتهد للإسهام في استكمال النصف الآخر.
صاحب التفكير السلبي يقول ماذا أعطاني الوطن وصاحب التفكير الإيجابي يقول ماذا أعطيت للوطن ولا شك أن الفرق شاسع إذ إننا أمام مسارين مختلفين الأول غارق في السلبية والنقد والتذمر وانتظار الحلول من الآخرين حتى يصبح عائقا لنفسه فضلا عن كونه عائقا لنمو البلاد ونهضتها بينما الثاني غارق في الإيجابية وابتكار الحلول وحشد الجهود واستنهاض الهمم للتصدي لمتطلبات التنمية والتقدم والنهضة ومنافسة الأمم وفق أنماط التفكير العملية السائدة والمتعارف عليها.
لنتدرج بمساحات التفكير ذات الأثر الإيجابي والمعبرة عن الوطنية الحقة فعلا لا قولا فقط، وأقصد بالفعل هنا هو الفعل الدائم وليس الخروج باليوم الوطني بالملابس والشعارات إلى الطرقات فقط وإن كان ذلك أمرا مطلوبا للتعبير عن المشاعر والفرح على ألا يخرج عن الآداب العامة والأعراف والنظام.
أدنى مساحات التفكير الإيجابي يمكن أن تكون في التفكير بالأفعال المضرة بالنفس والوطن والمجتمع وكيفية تجنبها والحد منها وعدم الوقوع فيها تحت أي مبرر حتى وإن فعلها كثير من الناس إذ الصحيح أن نتجنب فعل ما يضر ولا ينفع "يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"، ومن تلك الأفعال المضرة وغير المسؤولة التي يجب أن نفكر في ألا نفعلها لأي مبرر كان الإسراف باستخدام الماء والكهرباء، ورمي المخلفات في غير أماكنها، والتدخين في الأماكن العامة، وقبول الرشا في أي صورة كانت، والتساهل في أداء العمل حسب الأنظمة والقواعد، وعدم إنجاز أعمال المراجعين في وقتها والتسويف والتأجيل بذلك، وزرع الفتنة أيا كان نوعها بين فئات المجتمع إلى غير ذلك من المواقف والسلوكيات المسيئة والمضرة والمفككة للمجتمع والمضرة بأفراده.
وبكل تأكيد إذا تجنبنا المواقف والأفعال المضرة بالنفس والمجتمع والوطن فإننا نكون قد حمينا المجتمع من آفات كثيرة وبكل تأكيد سننتقل تلقائيا إلى التفكير الإيجابي في مساحات العطاء والإنجاز وخدمة المجتمع والوطن ومن ذلك تحمل المسؤولية في مواقعها كافة، واستثمار الفرص التعليمية التي وفرتها الدولة للتأهل العالي للتمكن من خدمة الوطن بجد واجتهاد وإتقان، وتكوين الأسرة والصبر على المحافظة عليها وتربية الأبناء التربية المثلى ليكونوا سواعد عطاء وبناء للوطن لا معاول هدم لسوء تربيتهم وضعف تأهيلهم، والأمانة في إنجاز العمل دون تهاون لأي سبب كان ليكون المال العام أكثر كفاءة في تحقيق متطلبات العيش الكريم للمواطن والمقيم في البلاد إلى غير ذلك من مساحات التفكير الإيجابي التي يستطيع الفرد أن ينهض بها بروح العطاء والتفاؤل دون الحاجة إلى الانضمام إلى أي مجموعة كانت ودون الحاجة إلى أي دعم أو مساعدة. هناك المتميزون جدا في التفكير الإيجابي نحو المجتمع والوطن وهم الذين يفكرون بمساحات تتجاوز همومهم إلى هموم المجتمع وتتجاوز قدراتهم الفردية إلى القدرات الجماعية بتكوين المؤسسات والجمعيات المهنية والخيرية المتخصصة بمحاربة آفة اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية أو أمنية أو تنمية مجال معين اقتصادي أو اجتماعي أو بيئي أو ثقافي، وهؤلاء هم القلة ولكنهم الأكثر فاعلية وأثرا في حياة أفراد المجتمع وتنمية الوطن.
وهؤلاء عادة ما يتطوعون بأموالهم وأوقاتهم وجهودهم ليواجهوا جميع التحديات واستثمار جميع الفرص للتصدي لقضية معينة مكافحة أو تنمية ومنهم المؤسسون ومنهم المشاركون وفي كل خير، ولا شك أن هؤلاء يمثلون قمة هرم التفكير الإيجابي في خدمة المجتمع والوطن وعلى مثلهم تنهض الأمم وتتقدم وهم النماذج القدوات التي تستحق التكريم والإشادة والثناء والاتباع ولا شك أن بلادنا تزخر بمواطنين ضربوا أمثلة نادرة في هذا المجال الإيجابي ونتطلع إلى المزيد في مجالات ما زالت تعاني قلة الجهود المبذولة في مساحاتها ومن ذلك مجال حماية البيئة الصحراوية والبرية.
ختاما أتطلع إلى أن يسأل كل منا نفسه بمناسبة اليوم الوطني ماذا قدمت لبلادي في أي من مجالات التفكير الإيجابي وماذا أستطيع أن أقدم مستقبلا وكلي ثقة بأننا سنجد كثيرا من المساحات التي نستطيع أن نعطي بها بلا حدود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي