إضفاء الاحترام
تأملات الإثنين
اليوم أكتب شيئا لطالما كان بكل وجودي تفكرا واعتقادا، وهو أن الحياة كلها تتزن بما أسألكم أن نتفق على تسميته "إضفاء الاحترام".
الحياة عبارة عن القانون الفيزيائي الكبير الفعل ورد الفعل. والتعامل مع الناس يعتمد على الفعل ورد الفعل. الفعل ورد الفعل طاقة متفرعة ومشعة بأبعاد نفاذة. هذه الطاقة تحرك المشاعر والعواطف، وتحفز العقول لتنتج الأفكار، وتحفظ حق الحياة لوحيد القرن الأسود في وسط إفريقيا، وسمكة في الكورال الأقيانوسي.
عندما تزم تعابيرك في وجه إنسان متجهما فإن الطاقة التي تنتقل هي الطاقة السلبية التي ستجعله يتأذى بداخله، هذا الأذى سيظهر على ملامحه أو نفسيته، وبطريقة أو بأخرى سترتد عليك. وهذا ما جعل الهنود يقدسون "الكارما" حتى صار لها الكهنة والمعابد. والكارما تقول إن العالم طاقة دائرة من أفعال ورد أفعال، وبالتالي أي عمل تعمله فإنه سيدور ويصلك إن كان حسنا فسيكون حسنا، وإن كان سيئا فسيكون سيئا. بالغ الهنود وأدخلوا فيها تناسخا لأرواح وانتقال الكارما لحيوات أخرى.. على أن هذا ليس موضوع تأملات اليوم.
موضوع اليوم أن الشخص الذي آذيته بتجهمك، لم تضف عليه الاحترام وبالتالي اختل التوازن بينكما وهذا الاختلال سيصيبك حتما. عندما لا يضفي التاجر الاحترام لزبائنه فلا يهتم بجودة بضاعته ويغالي بالسعر لتحقيق ربح فاحش فإن هذا سيعود عليه عاجلا أو آجلا، ونحن نرى بأم أعيننا كيف صارت تترى عواقب هذه الأعمال على التاجر الذي لا يضفي الاحترام لزبائنه. كان بإمكانه أن يضفي الاحترام لهم، ويهتم بجودة بضاعته أو خدماته بربح هامشي معقول فيقيم جسرا مستديما سيعود عليه بالاستقرار والنمو، لأن حسن سمعة التاجر يجب أن يعرف أن معناها هي أن عملاءه أضفوا عليه الاحترام بالمقابل.
وكذلك القائد السياسي إن لم يضف الاحترام على أتباعه أو شعبه فإنه سيكون على أرض زلزالية تنزلق تحت قدميه في يوم أو زمان ممتد لعشرات السنين، فهذا المصير هو الذي تحدثه الطاقة النفاذة المنبعثة من فعل عدم إضفاء الاحترام لمن يقودهم. ويبقى القادة العادلون، الذين يناضلون من أجل حقوق شعوبهم ويحكمون بالحق والمساواة، شخصيات ملهمة ومنيرة عبر التاريخ لا تستلهمها فقط الأجيال من شعبه، بل حتى بقية شعوب الأرض.
قرأت اليوم مقالا في "التايم" الأمريكية لمفكر يقول إن أمريكا ستزول كقوة مهابة بين دول العالم، لتعاملها مع بقية الدول وكأنها الوحيدة التي تحكم الأرض، وقال شيئا مهما إن المرشح العنصري للرئاسة الأمريكية "ترامب" سيكون تمثيلا واضحا للكارما، فشوفونيته ضد الأمريكان من أصول لاتينية وغيرها قد تزعزع أمريكا من الداخل وتنهيها كقوة مهابة على الأرض.. أمريكا حين لا تضفي الاحترام لبقية الدول والشعوب فالطاقة النفاذة لن تعفيها من عواقبها.
إن لم نضف الاحترام للبيئة فإن عناصر البيئة ستصير سخاما وتلوثا تقضي علينا، إن لم نضف احتراما للأرض فإن الأرض ستعاملنا بالمثل وتجف وتيبس.. فتكون الطاقة النفاذة قامت بالعمل الكبير.
معنى إضفاء الاحترام هو أن نؤمن بأن هذه هي طبيعة توازن الحياة وعلينا ألا نربكها أو نعبث بها.
إضفاء الاحترام هو الذي يجعلني أنهي المقال تقديرا لكم.