رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


كيف نقرأ الحدث ونوجهه؟

كثيرة الأحداث التي تمر بنا، منها أحداث جسام مؤثرة في حياتنا، ومنها أحداث بسيطة، لكنها مهمة في السياق والظروف التي حدثت فيها. كم من الناس يهمهم معرفة الحدث، والأسباب الكامنة وراءه، والنتائج، والمآلات المترتبة عليه، وكم من الناس لديهم الآليات العقلية التي تمكنهم من معرفة الحدث بالشكل الصحيح؟
فهم الحدث ومعرفته يقينيا يتطلب الإجابة على مجموعة أسئلة منها أين وقع الحدث؟ فالمكان الذي وقع فيه الحدث قد يساعد على فهمه، وفهم الظروف، والملابسات المحيطة به، فهل وقع في بيئة ريفية، أم في المدينة، وهل وقع في وسط المدينة، أم على أطرافها، وهل وقع في منطقة صناعية، أم تجارية، أم سكنية؟ الوقت الذي وقع فيه الحدث، إن كان ليلا أم نهارا، وهل وقع في وقت الذروة، أم في وقت هدوء، وقلة حركة؟ أما سؤال، كيف حدث فهذا من الأهمية بمكان، فالكيفية لها دلالة في التنبؤ بما يمكن أن يترتب عليه فيما بعد، فالكيفية تكشف عن خبرة الفاعل، وطريقة تفكيره، وهل يكرر الفعل بالطريقة نفسها، أم لديه تنوع في الأساليب، والطرق، والقدرة على التمويه، أم أنه يتصرف بطريقة نمطية؟
الإجابة على سؤال ما الظروف المحيطة بالحدث يمكن الإشارة إلى الظروف الاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، إضافة إلى معرفة إن كانت هناك ظروف محلية، أو إقليمية، أو عالمية، خاصة إذا كان الحدث من النوع المهم، والمؤثر على مستوى كبير. كما أن معرفة وجود أحداث مماثلة تتم في الوقت نفسه، أو في المكان نفسه، أم أن الحدث معزول تسهم في الفهم الأفضل، والتخطيط السليم لإدارة الحدث، والتحكم فيه. طبيعة الحدث، وماهيته ذات قيمة كبيرة في فهمنا له، فحادث سيارة ترتب عليه وفيات يمكن أن يكشف لنا أسبابه، كالسرعة الجنونية، أو عدم الالتزام بالأنظمة المرورية، أو وجود خلل فني في السيارة، أما إن كان الحدث أمنياً كاعتداء، أو سرقة، فربما الآثار الميدانية التي تركها الجاني، أو سقطت منه دون علمه تكون دالة على الفاعل وخلفيته الاجتماعية والثقافية وارتباطاته السابقة، أو اللاحقة. المراحل التي مر بها الحدث مهمة إن كان من النوع الذي له مراحل، فالزلازل، والبراكين لها مراحل تسبق حدوثها، وهذه من شأنها التقليل من آثارها المدمرة، كما أن الإلمام بالمراحل يمكِّن من التحكم في الحدث وتوجيهه قدر المستطاع، كما في الحرائق التي تحدث في منطقة خطرة يوجد فيها مواد مشتعلة، أو متفجرات لها آثار مدمرة لو وصلتها النار.
الأحداث الجسيمة، كالحروب لا يمكن فهمها حق الفهم إلا بمعرفة أطرافها، وهل هي بين دول متكافئة، أم بين دولة ضعيفة، وأخرى قوية، وهل يوجد أطراف تساند طرفا دون آخر، كما في الوضع في سورية حيث يشن النظام حربا على شعبه بمساندة خارجية صريحة من إيران، وروسيا اللتين تمدانه بالمال، والسلاح، والمقاتلين، والمعلومات الاستخبارية، في حين أن الطرف الآخر شعب أعزل عانى كثيرا من نظام فاشي. الأسباب الكامنة وراء الأحداث كالنزاعات الحدودية، أو الأيديولوجية، أو المصالح، والنفوذ، كحرب فيتنام التي شنتها أمريكا لبسط نفوذها في الشرق، أو حروب إفريقيا التي تشن بالوكالة عن الاتحاد السوفيتي، وأمريكا، أو حرب الفوكلاند بين بريطانيا و الأرجنتين، كلها وراءها أسباب تفسر لنا الحدث، وتزيد من فهمه، ليس في مجرياته الظاهرة، بل في الأسباب النفسية، والمعتقدات الدينية، والسياسية، والاختلافات الحضارية التي تلعب دورا مهما في تحريك الأفراد، أو الحكومات، أو الجماهير لتوجد الحدث، وتستمر فيه حتى تحقق ما تريد، أو تنهزم، وتنسحب من الميدان.
بعض الحروب لها امتداد تاريخ محفز بخلفية دينية كما في الحروب التي يتعرض لها العالم الإسلامي في الوقت الراهن، إذ لا يمكن عزلها عن الحروب الصليبية ويكفي أن الرئيس الأمريكي جورج بوش أخرج لسانه ما في عقله الباطن حين قال هذه حرب صليبية، وذلك بعد أحداث الـ11 من سبتمبر.
حسن قراءة الحدث في ظروفه الحالية، وأسبابه، والأطراف الداخلة فيه، ومكانه، وزمانه، والأدوات المستخدمة لأحداثه كلها عوامل تسهم في التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور وتسهم في معرفة النتائج المترتبة عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي