ثقافة الكراهية
كثيرة هواجسي بخصوص اتجاه الكتابة الرياضية، وإلى أين تتجه خاصة في السنوات الأخيرة التي بلغ فيها التعصب والإسقاطات تجاه المنافس شيئا لا يطاق، فوسائل التواصل الاجتماعي أظهرت وجها نكداً تكاد ظلمة الليل تهرب منه، خوفا وخشية فلم يعد الحب يسكن أطراف المعشوقة الكبرى لشباب جل أهداف وتركيز خطط التنمية لرعايتهم وترويض وكبح جماحهم ليكونوا يداً واحدة تنطق بلسان الجماعة، ويتحول الجو التنافسي إطاراً أخلاقياً يظهر فروسية العرب الأصيلة فالفوز مدعاة للفخر بتواضع، والخسارة كبوة أصيل يمد معها يد الصدق والتهنئة لمن تفوق ونال ثمرة جهده وتعبه، تبدلت الأحوال وحلت ثقافة الكراهية والسخرية وكأن الحال لا يقبل عرف الرجال بأن تهزم وتقر بأفضلية من نال النقاط، وباتت عقلية الاستعداء وتكبيل التنافس الشريف من خلال نثر كمية الكراهية والحقد هي العصا التي يتوكأ عليها البعض ليرتقي فوق ما يراه منصة ترضي بعض غروره ورغباته، فيما العاقل الحصيف يردد متى.. متى الصدق يكون هو الفيصل والحقيقة المحضة هي الهدف مهما كانت موجعة، حتى لو كان بريق إثارتها أقل من لمعان الفبركة وإغرائها، فترسيخ سياسة الإثارة تفيد مع إبراز كثير من الحقيقة التي لا تزيف واقعاً ولا تمجد خاطئاً.
فقد تحول الإعلام لصوت النادي ورئيسه، فمن يريد تخدير الجماهير فالصوت والصورة حاضرة، وكيفما تريد يا معلم، ومن يريد التطبيل كذلك موجود والمهم أن تنبسط يا معلم، حتى في حال الفشل لا تشيل "هم" راح نخليهم ينسون كل شيء ولا يتذكرون إلا ما نريد، فتبدأ إثارة قصص قديمة وإسقاطات على المنافس واتهامه بالفساد والحكام هم من سلب النقاط وحرمكم الرقاد.
نعم بات بعض الإعلام مطية ولم يعد رسالة خالدة لأمانة القلم والرأي، فالبعض لا يراعي إلا رضا السيد المطاع والحقيقة لها حساباتها، وقد لا تناسب الحسابات والتوازنات الخاصة، وهنا تسقط القناعات كما سقطت شمس المساء خلف ليل ستر نورها، ولم يعد يرى منها سوى ما يعكسه القمر متى يكون للإعلام الرياضي رسالة؟ متى نرى العين الصحيحة تكتب وتقرأ؟ متى يكون له هيبته ووقاره؟ لماذا كثرة الخطأ جعلته بحرا متلاطماً يكاد يُغرق السفينة، نماذج مشرقة ومهنيتها العالية أصبحت كتاباتها وبرامجها بالرغم من قوتها محل تشكيك وجدل، لأنها لم تساير ما يطلبه السوق أو ترضي صاحب القرار فبقيت قوية وصامدة تنتظر وننتظر معها أن يصل صدى صوتها، ويكون صوتاً حقيقياً لراغبي العمل الإبداعي ولا سواه، العمل الذي يحكي نجاح الذات قبل رضا الذوات، هي الصادقة فشكرا لها وهي من نبحث عن تكرارها، لأنهم سر البقاء والنقاء، فهي الأمل بغرس المفهوم للإعلام الرياضي الأصيل.
الخاتمة
قال الإمام الشافعي- رضي الله عنه:
وما شيء إذا فكرت فيـه
بأذهب للمروءة والجمـال
من الكذب الذي لا خير فيه
وأبعد بالبهاء من الرجـال