الاقتراح الأخير
من الواضح أن دورة كأس الخليج أصبحت حملا ثقيلا على الأعضاء المؤسسين للبطولة والمشاركين فيها, وتبعا للتعثرات التي صاحبت دورتها في السنوات الأخيرة, يتسرب شعور للمتابعين أن السادة الأعضاء فقدوا حماستهم السابقة تجاهها.
يتضح هذا جليا, في التأجيل المستمر ثم نقل أماكن الاستضافة في الدورات الأربع الماضية, ويظهر أيضا في الاستضافة الخجولة التي حظيت بها البطولة في الرياض ديسمبر الفارط.
..البطولة التي قطعت الأربعين عاما في عمرها, تبدو في ظاهرها دورة كروية فقط, وفي حقيقتها هي أرث خليجي يسهم مع بقية أذرع مجلس التعاون الخليجي في لحمة أبناء الإقليم, لذلك لن يقبل الورثة أي فكرة تنادي بإلغائها وتحويلها إلى المتحف, وحتى لا نضيع الوقت في هذا الاتجاه, علينا أن نسأل إذا: هل كأس الخليج بصيغتها الحالية أصبحت قادرة على الاستمرار؟ المعطيات الظاهرة تقول: لا. والسؤال المنطقي التالي يطل برقبته: كيف يمكن إعادة تنشيط هذه البطولة وتلميعها وتحويلها إلى مصدر جذب للمشجع الرياضي, والشركات والإعلام واللاعبين؟ لا شك بأنها مهمة صعبة في ظل هروب أولي أمر البطولة من الاعتراف بتناقصها المتزايد عاما إثر عام, ولا شك بأن الدورة مع تجاوزها العقد الرابع تحتاج إلى ما يشبه الصعقة الكهربائية لإعادة الدماء إلى شرايينها.
في ظني أمام الخليجيين أكثر من صيغة لبلوغ هذا الهدف, أولا جدولتها على مدى أربع دورات مقبلة بما يتناسب مع أجندة “فيفا” والاتحاد الآسيوي, وبما يمنح المشاركين فرصة استثمارها كما يجب في بطولات هذين الاتحادين كاعتماد إقامتها في السنوات الفردية, ثانيا إعادة صياغتها استثماريا بربطها بمسمى تجاري على غرار دوري عبد اللطيف جميل أو بطولة تويوتا للأندية, وبما يسمح بالحرص على استمراريتها في مواعيدها. ثالثا: رفع جوائزها المالية الحالية إلى أرقام مشجعة ومغرية للاتحادات المشاركة واستحداث جوائز فردية ذات مردود مالي للاعبين.
بعد كل هذه الحزمة من الاقتراحات هل يمكن لها أن تمهد طريق الاستمرارية للبطولة وتمنع تعثرها الواضح في الدورات الأخيرة؟ الجواب: أيضا لا؟ أما لماذا؟ فلأن السادة الأشقاء الخليجيين ما زالوا يُدوّرون البطولة بينهم تحت مظلة استضافة الدول لا المدن، وهذا سبب كاف لتعثرها كما حدث قبل يومين حين تأجلت لعدم جاهزية ملاعب الكويت, ما الحل؟ اقترح على السادة الأعضاء تحويل الاستضافة إلى المدن الخليجية وليس إلى الدول, كما هو الحال في الأولمبياد مقارنة بالمونديال, فتصبح دورة الخليج في جدة, وأخرى في الطائف, وثالثة في دبي ورابعة في أبو ظبي, والدوحة وشقيقاته القطريات والعراقيات وغيرها من المدن الخليجية بحسب طلبات الاستضافة التي تقدم للأمانة العامة وفرق الزيارات التي تختار المدينة الفائزة, وسيزيل هذا الاقتراح الحرج عن الاتحادات المحلية في تكرار إقامة البطولة في دولة واحدة دورتين متتاليتن أو بفاصل دورة أو دورتين بينهما, ويُحدث جوا من التنافس بين المدن الخليجية في معايير الاستضافة التي تشمل الخدمات والفنادق والطرق والملاعب والاحتفالات المصاحبة.