حينما تأخذ المرأة السلاح من الرجل
نثريات الخميس - 24
- استهلال:
على الفتاة أن تستهدي في حياتها وصفاتها بأمها كوكب الأرض. تأخذ الطاقة العارمة من أمواج المحيط مع جمال الغموض، وتأخذ شمم وصلابة الجبال مع روعة حسنها وبهائها، وأن تبقى هادئة كبركان صغير وديع، ولما تثور لكرامتها ودينها ووطنها ووجودها تُخرِج الحمم نارا تحرق من لطّخ تلك الرموز والقيم. وفي الليل تلملم أكمامها كزهرة الثلج الناقعة الحمرة التي تعيش ببسالة في قلب الثلج بجبال كوريا، وحيدة إلا من قلب شجاع تحت رداء الجمال الخاطف.
- رسالة لابنتي:
لست معزولة عن بنات جنسك بهذا الكوكب يا ساكنة القلب. أنت واحدة من مئات الملايين من بنات في عمرك. ويجب أن تؤمني حبيبتي أنه وبطريقة غامضة مصيرك مرتبط بمصير كل فتاة على الأرض. من الصعب شرح تعقيد سلسلة هذا التواصل، ولكن هناك سلسلة فعلية وهذه السلسلة التواصلية ستصل لكل بنت في الأرض، لكل ما تعمله أي بنت أخرى في الأرض. قانون الاحتمالات الرياضية، أو الإحصائية إن شئت.. لم لا؟. تعتقد بعض الفتيات أنهن معزولات في بيئاتهن عن بقية شقيقاتهن في الأرض، خصوصا السعيدات منهن والمحظوظات، وهن وإن تعاطفن مع البائسات في العالم، وتكون عاطفة صادقة صحيحة، إلا أنهن في قرارة أنفسهن يعتقدن أن تلك الفتيات في بلدان أخرى ولا صلة لهن من قريب ولا بعيد، وينسين أو لا يدركن أنه كوكب واحد والتواصل يسري بين الوضوح والغموض. لا أسألك يا حبيبتي أن تأخذي عصا سحريا لتصلحي الحال، فتذهبين للهند حيث تغتصب الفتيات يوميا كأكل السندويتش، ولا في قرى في شمال باكستان حيث يتعاقب أفراد قبيلة وبحكم ملالي محليين على الاعتداء على فتاة في الساحة العامة فقط لأن أخاها ربما اعتدى أو غازل فتاة من تلك القبيلة، وأن تشبعي آلاف البنات السوريات المهجَّرات يتزاحمن ضنى وألما ودموعا ليأخذ خبازا منهن كوبونا مهترئا من أجل قطعة خبز لكامل اليوم.. وشقيقاتك المحاصرات في غزة. كل ما أريده ألا تنفصلي عن شقيقاتك المسلمات والعربيات والعالميات.. متى شعرت بهن وبآلامهن ووصلت صرخاتهن لقلبك.. من هنا أنت تبدأين الصلة المتسلسلة الإنسانية.. قبل أن تباغتك.
- الموضوع:
"سيسيك" فتاة كردية في السابعة عشرة من عمرها، اختطفها جنود "داعش"، وراحت محاولات أمها هباء في العثور عليها، وكانت وحيدتها، حتى وجدوا ملفعها الأحمر مرميا فوق ما حسبوه قبرا، ولكن لم ينجحوا حتى في العثور على الجثة. فعمت غضبة مجلجلة الفتيات الكرديات في الحدود السورية التركية، وامتطين السلاح، وعملن بأنفسن الدورات التدريبية المكثفة لحرب العصابات والقنص. وبدأن حربا عاتية على جنود "داعش"، تقول إحداهن: "جئنت نأخذ دورنا الحقيقي من قبضة الرجل الذي يهدم الحياة، كي نحارب لبناء الحياة. ولما قتَلت الفتاة "زولان أوكيش" المراهقة جنديا من داعش صرخت: "أتسمعون؟ لتوي صنعت لكم أسوأ كوابيسكم، امرأة تقتل رجلا منكم". أما عني شخصيا فأنا قد لا أجد مبررا شرعيا لخروجهن للحرب، والالتحام مع الرجال.. ولكن هذا دليل شاهق على أن الرجل إن أخفق، فلن تقف المرأة متفرجة حتى النهاية.. فستجرب هي فرصة عدم الإخفاق!
- وبقي شيء:
ومن رسالة وصلتني:
- زوجي يصفني بممسحة الباب.
- سيستمر بوصفك كذلك متى التصقت بالأرض. انهضي من على الأرض، واسأليه إن كانت الممسحة تقف وتواجهه!