صفقات ومغامرات
علمتنا المواسم القريبة الماضية، أن تحضيرات الأندية السعودية قبل أي موسم جديد، ليست شرطا في نجاح أو فشل أي فريق في المحصلة الرسمية النهائية، وهذه واحدة من غرائب أنديتنا التي لا يمكن إخضاعها لقاعدة ما، بخلاف الأندية العالمية التي يُقرأ مستقبلها وفق تحركاتها الصيفية.
في المواسم الثلاثة الأخيرة، ذهبت البطولة الكبرى، لفريقي الفتح والنصر، وصاحب آخر لقبين تحديدا وقع صفقات أجنبية بدت جيدة في مظهرها الخارجي صيفا، ولم تؤت أُكلها شتاء وصيفا، فحملته تعاقداته المحلية مع جهود إدارية وشرفية إلى اللقبين، وفي الموسمين ذاتهما، لم تكن تحضيرات البطل متفردة عن البقية، تلقى خسائر وانتصر بنتائج كبيرة على فرق متواضعة في معسكريه الخارجيين. بعد كل هذا هل يمكن القياس على مسيرة البطل السابقة في التحضيرات الحالية للأندية في أوروبا وآسيا؟
الإجابة تتوزع في طرق مختلفة، في سياق المباريات الودية، تبدو المواجهات الخليجية الودية، التي لعبتها بعض الفرق أكثر فائدة من تلك، التي انتهت بكمية وافرة من الأهداف تثير القلق أكثر من البهجة. في بورصة صفقات الصيف، توزعت تحركات إدارات الأندية بحسب أهدافها وإمكاناتها، إدارة الهلال الجديدة مثلا اتسمت بالواقعية في قراءة المشهد الأزرق، لم تبالغ في تحميل النادي مديونيات جديدة، لم تدخل في البورصة المحلية بسبب أن احتياجاتها غير موجودة فيها، ونأت بنفسها عن التجارب، وعقدت صفقتين خارجيتين يمكن وصفهما بالهادئتين. من الواضح أن تحركات إدارة الأزرق استهدفت المستقبل أكثر من الحاضر، وتحاول أن تكون اللاعب الوحيد في الصفقات المحلية خلال الموسمين المقبلين متى تم إقرار قانون "لا صفقات للمدينين"، الذي أعلنه عبدالله بن مساعد أمس.
.. القطب العاصمي الآخر، تحول من عقد الصفقات الكمية إلى الصفقات النوعية، عرف احتياجاته المحلية بوضوح وأنهاها مبكرا، ولا يزال الفريق لا يعرف طريقه إلى النجاح في الصفقات الخارجية مع بعض الاستثناءات، رغم أن الأورجوياني مورا لاعب مميز سيحتاج إلى وقت طويل للظهور بسبب أنه لم يتوقف عن التمارين والمباريات طوال عام كامل وسيكمل عامين بلا توقف إذا ما دافع عن ألوان الأصفر. على النقيض من النصر، يظهر اتحاد جدة وقد سلك الطريق السابقة للنصر قبل مواسم، فانتدب الاتحاديون قائمة كاملة تتكون من 11 لاعبا، جُلهم من المغمورين عدا الظهير الشاب الصاعد والمميز فيصل الخراع، وذهب إلى البحث عن الأسماء اللامعة في تعاقداته الأجنبية حتى إن كان بعضها على مشارف التقاعد، ولا غرابة في ذلك مع عودة منصور البلوي إلى المسرح الأصفر الجداوي رسميا، فتلك طريقته وتيك أهدافه.
وصيف بطل الدوري، لم يكن لاعبا مهما في السوق المحلية مع تعثر الفوز بخدمات معاذ الشباب، وربما من المرات القليلة التي سيبدأ فيها الأهلي موسمه دون أن يكون في صفوفه لاعب برازيلي واحد، ويظهر هذا بوضوح تغير في السياسات الإدارية الخضراء، وتبديل في العملاء السابقين، ونتائجه ستظهر قبل أن ينتهي سبتمبر، أكثر ما يقلق في الأهلي أن مدربه يريد العودة إلى الديار مع نهاية الموسم، وسيشكل قراره هاجسا يضغط على الرجل في عمله المنتظر.
القراءة السابقة للأربعة الكبار، توضح واقعية هلالية، حذر نصراوي، ومغامرات اتحادية، وتردد أهلاوي مستمر، ولذلك، أتوقع ألا يتغير الكثير في الموسم، وسيبقى السباق، كما هو بين القطبين العاصميين، مع التذكير مجددا أن النظريات والقراءات المسبقة لا تصمد دائما أمام غرائب الكرة السعودية، التي تفتتح موسمها من لندن.