رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الشؤون الاجتماعية» وحماية زوجة وأبناء أشباه الرجال

أحد الأصدقاء شمر وزوجته عن سواعدهما لمساعدة الأسر الفقيرة بالتعاون مع مجموعات شبابية تطوعية تربط بين المحسنين الباحثين عن "المتعففين" الذين لا يسألون الناس إلحافا، وفي ممارسته هذا العمل الإنساني اكتشف حالات من الفقر والعوز والضياع الاجتماعي تعود إلى سبب لم يكن يتوقعه، إذ إن العائل ليس مريضا أو متوفى أو ضعيف الدخل بل هو رجل سليم متوسط وربما عالي الدخل ولكنه يصنف في فئة "أشباه الرجال" الذين لا يستحقون كلمة "رجال" لأن أفعالهم مع أفراد أسرهم لا تمثل الرجولة أبدا.
فالبعض منهم انغمس في ملذات الحياة وشهواتها ووظف دخله لذلك تاركا زوجته وأولاده يعانون العوز والحاجة دون رعاية مالية أو اجتماعية عرضة لكل أنواع المشاكل والمصائب والآخر منهم تزوج بأخرى بعد أن واجه مشاكل مع زوجته الأولى كما هو حال الأزواج كافة ليذرها معلقة وأبناءها دون رعاية أو أنه ينفق عليها القليل من المال الذي لا يكفي لتكاليف السكن فقط والبعض الآخر هجرهم دون عذر وانصرف لحياته وهكذا.
هذه الأسر المهجورة من أشباه الرجال التي انشغلت بحياتها الخاصة وملذاتها وراحتها تاركة مسؤولية تربية وإعاشة ورعاية زوجته وأبنائه للمجتمع دون أوراق ثبوتية تبين هذه الحالة، تتمكن من خلالها الزوجة والأبناء من اللجوء إلى وزارة الشؤون الاجتماعية لرعايتها فلا هي بالأرملة ولا المطلقة نظاما وبالتالي تعيش حياة الضنك هي وأبناؤها وتلجأ إلى أهل الخير لدعمها دون علم زوجها خشية أن يتسلط عليهم ويتخذ قرارات أشد ظلما.
مشكلة معظم نساء هذه الأسر المتعففة المعلقة والمهجورة أنها بسبب قانون العيب الاجتماعي لا تلجأ إلى القضاء خشية المشاكل والفضائح والنبذ الاجتماعي وخشية أن يتسلط أشباه الرجال الذين هجروهم أو تعسفوا في الإنفاق عليهم ورعايتهم، الذين لا يتوانون عن ردة فعل خسيسة دنيئة للانتصار لأنفسهم، كما أن هذه الأسر تعاني مشكلة أخرى وهي عصابات التسول التي تماهي تلك الحالات الحقيقية لاستعطاف المحسنين وأخذ أموالهم بالباطل وجمع الملايين من خلال عمل مخطط منظم للتسول الاحترافي لدرجة أن بعضهم يقوم باستئجار شقق مؤقتة قبل رمضان ويضع فيها أثاثا باليا ويأتي بأطفال ضعاف ويدعو المحسنين إلى زيارتهم ومشاهدة حالتهم كي يعدد لهم حاجاتهم من الإيجارات والأثاث والملابس والأكل والشرب ودفع فواتير الكهرباء وغيرها.
الكثير من المحسنين اكتشفوا بعد أن دفعوا إيجارات تصل إلى عشرة آلاف ريال نيابة عن الأسر الفقيرة أنهم ضحية مخططات تسول احترافية وأن أموالهم وما قدموه من كساء وطعام ذهب لعصابات التسول، ما جعلهم يحجمون عن الإنفاق ويدققون بشكل كبير للتأكد من حقيقة هذه الأسرة المتعففة كما يدعي من دلهم عليها، وهذا مع الأسف الشديد ينعكس سلبا على الأسر المتعففة حقيقة كما هو حال الأسر السعودية التي هجرها أشباه الرجال عديمو المروءة.
وبالتالي فنحن أمام مشكلتين رئيسيتين، الأولى: عدم وجود ما يثبت هجران الزوج من أشباه الرجال زوجته وأبناءه وبالتالي لا تنطبق أنظمة رعاية الشؤون الاجتماعية على تلك الأسر، والثانية: شك الميسورين في صحة تعفف هذه الأسرة وأنها قد تكون من منظومة تسول احترافية تأخذ أموالهم دون حق لجهات مجهولة قد يكون تمويل الإرهاب والتطرف إحداها.
هذا الأمر يتطلب نظاما بخصوص هذه الفئة وليكن بمسمى برنامج "الأسر المتعففة" كما يتطلب جهدا منسقا مخططا واحترافيا بين الجمعيات الخيرية لتحديد هذه الأسر بدقة وكشف مخططات الأسر المتعففة الوهمية التي تنفذ من خلالها عصابات التسول للمجتمع، كما يتطلب جهدا كبيرا وسريا للتعامل مع حالات الهجران والتعليق من قبل أشباه الرجال للتعاطي معهم بشكل منظم من خلال عدة محاور لمعالجة أوضاع أسرهم.
أفراد المجتمع متكافلون لحماية المجتمع والدولة تعمل على تعزيز مستويات التكافل كما تتدخل بالأنظمة والتمويل لحماية المجتمع من أسباب التفكك الأسري والفقر والعوز والحاجة والوقوع في أوحال الجريمة والرذيلة والتخلف الصحي والدراسي، ولله الحمد والمنة بلادنا ومن خلال أجهزتها الرسمية تبذل جهودا كبيرة لرعاية الأسر المحتاجة وكذلك أبناء المجتمع الميسورون يمدون يد العون لهذه الأسر بشكل مباشر أو من خلال الجمعيات الخيرية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد ولكن تبقى المشكلة الكبرى وهي تحديد الأسر المتعففة وأسباب الحاجة والعوز ومعالجتها وكشف المتلاعبين والنصابين وضبطهم والإطاحة بهم ومعاقبتهم.
معالجة هذه المشكلة تتطلب نشر الوعي من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية وإطلاق برنامج مخصص لهذه الفئة المحددة المهجورة من أشباه الرجال ويمكن أن يكون ذلك بالتعاون مع وزارة الداخلية لدعم المنظومة الأمنية استباقيا قبل وقوع أبناء هذه الأسر والزوجات الذين لا ذنب لهم في وحل الرذيلة والجريمة ليساقوا فيما بعد إلى المحاكم والسجون، في حين يبقى المجرم الحقيقي المتنصل من مسؤوليته لإشباع شهواته وحاجاته طليقا يتمتع بدخله المادي دون محاسبة كما يتمتع المجرمون ممن يحاكون هذه الحالات للاستحواذ على أموال المحسنين الذين أحجم الكثير منهم عن التبرع بعد أن وقع في شبكات عصابات التسول المهني الاحترافي.
فئة المهجورات والمعلقات من أشباه الرجال كإحداهن التي تقول إن زوجها ترك لها المنزل وعشرة أطفال ويرسل لها ثلاثة آلاف ريال شهريا من راتبه وذهب لأخرى ليعيش حياته من جديد وأصبح يهددها إن لم توافق وتسكت سيخرجها من المنزل وباتت بين نارين، أقول هذه الفئة فعلا هي من الأسر الكريمة المتعففة وتتطلب تكاتفا حكوميا - مجتمعيا لمعالجة مشاكلها حماية لهم وللمجتمع. أتطلع إلى أن تطلق وزارة الشؤون الاجتماعية برنامجا مخططا ومنظما قائما على الدراسات العلمية الدقيقة الشاملة لأنحاء المملكة كافة للوقوف على مشكلة المعلقات والمهجورات وأبنائهن من قبل "أشباه الرجال" والتعاطي مع هذه المشكلة بإيجابية بتعاون حكومي - مجتمعي وكلي ثقة بأن الدولة والمجتمع سيبذلان قصارى جهديهما لحماية هذه الأسر والمجتمع معا من العوز والحاجة وضعف الرعاية والتربية والآثار المترتبة على ذلك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي