توظيف العاطلين .. ماذا عن جودة المخرجات؟
متأكد أن هذا أمل كل مسؤول في هذا البلد، خاصة في وزارة العمل. القضاء على البطالة المفتعلة أمر ذو علاقة بأمن وازدهار هذا البلد، وباستدامة التنمية التي ينفق عليها مبالغ طائلة. جزء كبير من موازنة الدولة يتم توفيره من مصدر واحد فقط، هذا المصدر له عمر وقد يفقد الاعتماد عليه، أو يصل إلى مراحل النضوب. حجم القطاع الوظيفي في المملكة يزيد على عشرة ملايين وظيفة، يشغل السعوديون فيها ما نسبته 42 في المائة فقط، في حين يعمل في هذه الوظائف 58 في المائة من الوافدين. نسب البطالة وفق إحصاءات سابقة تفصح عن بطالة بنسبة تقارب 12 في المائة من حجم الشباب في المملكة، 58 في المائة من المواطنات.
نتساءل هنا عن الاستراتيجية التي تنتهجها وزارة العمل بالتعاون مع بقية الوزارات والمؤسسات العامة ذات العلاقة المباشرة باقتصاد البلد، وتنمية شبابه. وزارة العمل وبالتعاون مع بعض الصناديق الداعمة تفتح فرص عمل لمؤسسات فردية من خلال برامج الدعم المالي المقدمة، تثقل الوطن واقتصادها بعمالة إضافية وتعزز من نهج البطالة المفتعلة التي يعيشها جيل الشباب. هذه المشاريع الفردية تحسب على أنها تنمية وتعزيز لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطةSmall and medium-sized enterprises SME، والحقيقة هي تعزيز لكيانات متناهية الصغر، تثقل كاهل الاقتصاد بعبء لا يمكن الانتهاء منه بسهولة.
المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ما زالت تضخ برامجها القصيرة والمتوسطة لسوق العمل، لكن جودة المخرجات غير مقنعة لدى كثير من المراقبين والمستفيدين، إضافة إلى عدم تفعيل ومتابعة نقل هذه القوى البشرية من مقاعد التعليم إلى مواقع الإنتاج الفعلية، فلا يكفي حقيقة أن يتم تخريج أفواج الشباب والشابات ليلقوا مصيرا مبهما في ظل بيئة سوق العمل الحالية.
الجهات الداعمة وبالتعاون مع الجهات البحثية والمؤسسات الرسمية في حاجة إلى إيجاد الطريقة المثالية لتفعيل دور الشباب في التنمية الاقتصادية، والبعد عن الحلول ذات الأثر البسيط والتركيز على خلق كيانات اقتصادية تساهم فعليا في حل مشكلات البطالة، وتأهيل الشباب للاعتماد على أنفسهم بشكل أكبر.
ما زالت التنظيمات المساندة لا تفعل دور الحماية لمثل هذه القطاعات أو على الأقل تنظم دخولها السوق لتستمر وتنمو وتساهم بفاعلية في تحقيق التنمية المستدامة المأمولة. المدن الاقتصادية أوجدت لحل جزء من هذه المعضلة، ولكن لم تسهم حتى الآن فعليا في خلق تلك الفرص التي نتحدث عنها.
وما دامت الحلول جميعها وقتيه أو غير محمية بنظام حماية فعال، فستبقى مشكلة البطالة تتزايد والحلول شبه الوهمية تحصد فلاشات الإنجازات الوقتية، والشباب لم يتغير عليهم شيء.