بداية جديدة للسيارات الكهربائية
لقد كان الحراك والجمود لصناعة السيارات الكهربائية في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث أظهر للعالم ما وعدت به هذه التكنولوجيا، لكن النشاط الحقيقي للسيارة الكهربائية لم يحدث حتى بداية هذا القرن. مع اختلاف الآراء، كانت هناك حادثتان هما اللتان أثارتا الاهتمام الذي نراه اليوم في السيارات الكهربائية.
كانت نقطة التحول الأولى -كما يراها الكثيرون- هي إنزال تويوتا بريوس «Prius» في السوق اليابانية عام 1997، حيث أصبحت السيارة الكهربائية الهجينة الأولى ذات الإنتاج الضخم في العالم. وفي عام 2000، تم عرض «بريوس» في جميع أنحاء العالم. وسبب نجاح «بريوس» هو استخدام «تويوتا» لبطارية مكونة من النيكل والهيدرايد والمعدن - تقنية تم دعمها ضمن الأنشطة البحثية لوزارة الطاقة. ومنذ ذلك الحين، ساعد ارتفاع أسعار البنزين وتزايد القلق بشأن تلوث الكربون “بريوس” الهجين الأكثر مبيعا في جميع أنحاء العالم خلال العقد الماضي.
وكان الحدث الآخر الذي ساعد على إعادة تشكيل المركبات الكهربائية هو الإعلان في عام 2006 عن بدء تشغيل وادي السيليكون الصغير «تسلا موتورز» الذي سيبدأ إنتاج السيارات الفاخرة الرياضية الكهربائية، التي يمكن أن تذهب أكثر من 200 ميل على شحن واحد. وفي عام 2010، حصلت «تسلا» على 465 مليون دولار قرضا من وزارة الطاقة - وهو القرض الذي استطاعت «تسلا» سداده كاملا قبل تسع سنوات من وقت التسديد - لإنشاء مرفق التصنيع في ولاية كاليفورنيا. في وقت قصير، منذ ذلك الحين فازت «تسلا» بشهرة واسعة لسياراتها، وأصبحت أكبر عمل يوظف في صناعة السيارات في ولاية كاليفورنيا.
نجاح «تسلا» كان محفزا لعديد من شركات صناعة السيارات الكبرى، حيث بدأت في تسريع العمل على المركبات الكهربائية الخاصة بها. ففي أواخر عام 2010، أطلقت تشيفي فولت Chevy Volt ونيسان ليف Nissan LEAF في سوق الولايات المتحدة. كانت «فولت» أول سيارة كهربائية هجينا متاحة تجاريا وتشحن عبر قابس كهربائي. لديها محرك البنزين الذي يكمل المحرك الكهربائي بعد أن يتم استنفاد البطارية، ما يسمح للمستهلكين لدفع كهربائي في معظم الرحلات والبنزين لزيادة مدى السيارة. وبالمقارنة، فإن «ليف» هي سيارة كهربائية بالكامل (غالبا ما تسمى مركبة بطارية كهربائية، أو سيارة كهربائية أو مجرد EV مختصر Electric Vehicle)، وهذا يعني أن قوة الدفع مدعومة فقط من قبل محرك كهربائي.
بعدها بدأت شركات صناعة السيارات الأخرى طرح السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة. ولكن لا تزال تواجه المستهلكين أحد أهم المشكلات المتأصلة في السيارة الكهربائية منذ القدم – أين تشحن سيارتك أثناء التنقل؟ لذا، استثمرت وزارة الطاقة أكثر من 115 مليون دولار للمساعدة في بناء البنية التحتية للشحن في جميع أنحاء البلاد، وتركيب أكثر من 18 ألفا من محطات الشحن السكنية والتجارية والعامة في جميع أنحاء البلاد. أيضا قامت شركات السيارات والشركات الخاصة الأخرى بتركيب محطات الشحن الخاصة بهم في مواقع رئيسة في الولايات المتحدة، ليصل مجموع اليوم من محطات شحن السيارة الكهربائية العامة لأكثر من 8 آلاف موقع مختلفة مع أكثر من 20 ألف منفذ شحن.
في الوقت نفسه، بدأت تصل إلى السوق تكنولوجيا البطاريات الجديدة التي ساعدت على تحسين المدى في السيارة الكهربائية ذات الشحن عبر قابس كهربائي. وفي الآونة الأخيرة، ساعدت استثمارات لوزارة الطاقة في مجال البحوث والتنمية تخفيض تكاليف بطارية السيارة الكهربائية بنسبة 50 في المائة في السنوات الخمس الماضية، إضافة إلى تحسين الأداء المجمل لبطاريات السيارات (بمعنى الكهرباء والطاقة وقوة التحمل). وهذا بدوره ساعد على خفض تكاليف السيارات الكهربائية، ما يجعلها متوافرة بأسعار معقولة للمستهلكين.
لدى المستهلكين اليوم خيارات أكثر من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بشراء السيارة الكهربائية. اليوم هناك 23 نموذجا من السيارات الكهربائية ذات الشحن عبر قابس كهربائي و36 نموذجا هجينا. كلها متاحة في مجموعة متنوعة من الأحجام - من سيارة لراكبين Smart ED إلى متوسطة الحجم فورد C-ماكس اينرجي إلى BMW SUV I 3 الفاخرة. وكلما استمرت أسعار البنزين في الارتفاع وأسعار السيارات الكهربائية في الانخفاض، ستكتسب السيارات الكهربائية شعبية أكثر. حيث يوجد اليوم أكثر من 234 ألفا من السيارات الكهربائية ذات الشحن عبر قابس كهربائي و3.3 مليون من السيارات الكهربائية الهجينة على الطريق في الولايات المتحدة فقط.
من الصعب أن نقول، أين سيكون مستقبل السيارات الكهربائية؟ ولكن من الواضح أن لديها كثيرا من الإمكانات لإيجاد مستقبل أكثر استدامة. فإذا استطعنا تبديل جميع المركبات ذات الاستخدام الخفيف إلى السيارات الكهربائية والهجينة باستخدام ما لدينا من مزيج التكنولوجيا الحالية، يمكن أن نقلل من اعتمادنا على النفط ونستطيع أن نخفض تلوثات الكربون من قطاع النقل. في نهاية المطاف، فإن الوقت وحده كفيل بإثبات ما الطرق التي ستتخذها السيارات الكهربائية في المستقبل.