الإعلان .. وأهمية عناصر الترويج
هناك نقاط اختلاف وتشابه بين العلاقات العامة والإعلان ولكي تتضح هذه العلاقة يتعين علينا أن نعرض عناصر المزيج الترويجي بكل مكوناته الرئيسة والفرعية، حيث تعد العلاقات العامة والإعلان أحد عناصر المزيج الترويجي. فقد اختلفت أدبيات التسويق عند تصنيف عناصر المزيج الترويجي التي يطلق عليها أحيانا مزيج اتصالات التسويق فالبعض يصنفها إلى أربعة أقسام رئيسة وهي، ترويج المبيعات، والتسويق المباشر، والعلاقات العامة، والبيع الشخصي. ولا يرى مؤيدو هذا التصنيف أن الإعلان إحدى أدوات الترويج لأنه (أي الإعلان) من الأهمية بمكان، حيث يعد أحد مكونات المزيج التسويقي وليس أداة من أدوات الترويج. آخرون يرون أن المزيج الترويجي يشمل الوظائف الأربع السابقة، إضافة إلى الإعلان والدعاية.
كتاب آخرون يرون أن العلاقات العامة يجب ألا تكون إحدى أدوات الترويج، بل هي وظيفة أساسية منفصلة تعادل في أهميتها التسويق أو الإدارة المالية. إلا أن أغلبية أدبيات التسويق خصوصا الحديثة منها صنفت عناصر المزيج الترويجي إلى خمسة أقسام رئيسة وهي، الإعلان، وتنشيط المبيعات، والعلاقات العامة، والبيع الشخصي، والتسويق المباشر.
وعلى الرغم من أن أدوات الترويج التي تم استعراضها قد تختلف من دراسة إلى أخرى إلا أن الاختلاف لا يتعدى الترتيب وإضافة بعض العناصر الفرعية أو حذف البعض الآخر ولكن بشكل عام لا تخرج عما سبق وتم استعراضه. وعلى الرغم من هذا الاتفاق في الأدبيات على هذا التصنيف إلا أنني أرى أن تصنيف عناصر المزيج الترويجي إلى عدة أجزاء بهذا الشكل يكتنفه شيء من الغموض وفيه قدر من الصعوبة في التفرقة خصوصا بين العناصر الفرعية. فهي عناصر متداخلة، ومترابطة، ومتشابكة. ففصل هذه المكونات عن بعضها وتصنيفها إلى وحدات مختلفة بهذا الشكل المبسط الذي تعرضه أدبيات التسويق صعب للغاية ولكن يلجأ إليه الباحثون لتسهيل دراستها وإجراء الدراسات والأبحاث.
نعود لموضوع التفرقة بين الإعلان والعلاقات العامة فنقول، إن الإعلان في السابق يعد إدارة رئيسة من إدارات المنظمة بسبب أهميته وعدم ظهور الأدوات الأخرى إلا أنه مع تطور الفكر التسويقي أصبح الإعلان إحدى أدوات الترويج. وأيا كان الوضع فإن وظيفة الإعلان لم تتغير الذي اختلف فقط هو تصنيفه، فبدل أن كان يعد إدارة مستقلة مثله مثل التسويق أصبح أحد مكونات المزيج الترويجي. ولكن ما هو الإعلان؟ وكيف يختلف عن بقية أدوات الترويج وخصوصا العلاقات العامة؟ يرى كوتلر وآرمسترونج (2010) أن الإعلان عبارة عن ترويج الأفكار، السلع، الخدمات بصيغة مدفوعة الأجر عن طريق راعٍ محدد، مثل، صيغ مطبوعة، مذاعة، عبر الإنترنت.
أما العلاقات العامة فتعني بناء علاقات جيدة مع العامة لفرض دعاية أو بناء صورة جيدة، لإبطال الشائعات والقصص غير المرضية، مثل، تصريحات الصحف، رعاية المهرجانات. ومن أبرز تعاريف العلاقات العامة من وجهة نظر رجال التسويق ما سطره يرى كوتلر وآرمسترونج (2010) حيث عرفا العلاقات العامة بأنها عبارة عن بناء علاقات جيدة مع العامة عن طريق الدعاية الإيجابية وبناء صورة جيدة للمنشأة وتصحيح وضع المنشأة بدحض الشائعات والقصص والأحداث السلبية.
البعض يرى أن العلاقات العامة إحدى وظائف المشروع كالتسويق والتمويل والعمليات. كما أنها ليست حكرا على منشآت الأعمال، بل إن الهيئات الحكومية تهتم بها كثيرا.
وقد ظهر استخدام العلاقات العامة في مجال التسويق والترويج في الآونة الأخيرة بعد أن كانت إدارة مستقلة مثلها مثل إدارة التسويق. والعلاقات العامة علم مستقل يشترك فيه عدة علوم وتتبناه عدة جهات ومنظمات حكومية وخاصة صناعية وخدمية. ولكن كيف تعد العلاقات العامة دعامة قوية للبرامج التسويقية في منشآت الأعمال حيث كانت حكرا على المنشآت الحكومية؟ أو بمعنى أدق كيف تسهم العلاقات العامة في ترويج السلع للمنشآت؟ وكيف ينظر إلى العلاقات العامة كعنصر من عناصر المزيج الترويجي؟.
ويختلف الإعلان عن العلاقات العامة في أن هذه الأخيرة ليست حكرا على منشآت الأعمال، بل إن الهيئات الحكومية تهتم بالعلاقات العامة أيضا بخلاف الإعلان الذي يعد حكرا على المنظمات الهادفة للربح نتيجة الاعتقاد بسرعة تأثيره بالرغم من تكاليفها الباهظة. ويمكن أن يكون للعلاقات العامة تأثير قوي في إلمام العامة من الناس وبتكلفة أقل كثيرا ما يمكن أن يفعله الإعلان. وهناك كميزة أخرى للعلاقات العامة وهي أنها تستقطب جزءا بسيطا من ميزانية التسويق الشاملة لمعظم الشركات، وكذلك أصبحت تلعب دورا أكثر أهمية في بناء العلامة التجارية أكثر من الإعلان.
حيث ذكرت الأدبيات أن العلاقات العامة تبني العلامة التجارية أكثر بكثير من الإعلان بل ذهب الاعتقاد إلى أبعد من ذلك عندما بين الفكر التسويقي أن الإعلان لا يبني العلامة التجارية من الأصل. أما العلاقات العامة فهي أقدر على فعل ذلك لأنها أكثر مهنية في بناء العلامات التجارية. وفي كتاب "سقوط الإعلان وارتفاع العلاقات العامةThe Fall of Advertising and the Risk of Public Relations ذكر مؤلفا الكتاب أن عصر الإعلان قد قارب على الأفول وأصبحت العلاقات العامة أكثر أدوات الاتصالات التسويقية قوة. وأهم أدوات العلاقات العامة لبناء علاقات جيدة مع العامة تتمثل في الأخبار، أي أن الشركة تنتج أخبارا جيدة عن فعالياتها ومنتجاتها وموظفيها وتتولى إخراجها ونشرها بطريقة دعائية مهنية مدعمة بالبراهين والإحصائيات. ويقصد بإنتاج الأخبار نشر العمل الحقيقي عن الشركة وليس نشر الأكاذيب كما نرى بعض منظماتنا تفعل مع الأسف مثل ذلك ظنا منها أنها ستنطلي عن الجمهور. كما تراوح وسائل العلاقات العامة بين المؤتمرات الصحافية وجولات الصحافة والافتتاحيات الكبيرة وعروض للألعاب النارية إلى عروض الليزر أو بالونات الهواء الساخن أو برامج تعليمية أو ترفيهية هدفها المبطن الوصول للعامة. بينما الإعلان تقوم به جهة خارجية بطريقة واحدة.
هذه بعض الفرق والتشابه بين الإعلان والعلاقات العامة وبقي أن نوضح الفروق بين هذين العنصرين وبقية عناصر المزيج الترويجي.