محاكم الأحوال الشخصية تنتظر المزيد
خلال أيام قليلة تكمل وزارة العدل عامها الأول على إنشاء مشروعها الرائع "محاكم الأحوال الشخصية" التي خصصت لقضايا الأسرة من زواج، وطلاق، وخلع، وعضل، وإرث، وغيرها، وقد كان هناك تعطش لهذه المحاكم المتخصصة التي استطاعت إحداث نقلة مسبوقة في منظومة المؤسسات العدلية وانتصرت فعليا للطرف الأضعف "المرأة" في "محاكم الأحوال الشخصية" باختصار إجراءات القضايا الأسرية بما لا يزيد على أسبوع واحد، والتوجيه بالحكم بالنفقة، والطلاق، والحضانة بصك واحد، وردع المتعنتين في تنفيذ أحكامها بالسجن والجلد، وإيقاف الخدمات عن طريق أقسام التنفيذ، ومنح "المطلقة "حق متابعة إجراءات أبنائها لدى الجهات الحكومية والأهلية، وهذا بحد ذاته أشاع جوا من الثقة والطمأنينة لدى آلاف الأسر التي كانت تحلم بالعدل وتراه بعيد المنال.
ورغم مضي عام على تأسيس "محاكم الأحوال الشخصية" فهي لا تزال بحاجة إلى المزيد من الاهتمام وما تحقق لا يمثل سوى جزء بسيط من طموح المهتمين بالعدالة إذا ما نظرنا إلى حجم القضايا السنوية التي ترد للمحاكم التي تشكل القضايا الأسرية فيها ما يزيد على 60 في المائة من القضايا. وما زلت أتساءل رغم هذا الحجم الكبير للقضايا الأسرية: لماذا اكتفت وزارة العدل إلى الآن بخمس محاكم فقط؟ في كل من الرياض، وجدة، والدمام، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، بينما بقية مناطق المملكة لا يوجد فيها سوى مكاتب صغيرة أطلق عليها "دوائر الأحوال الشخصية" لا تزيد على قاض واحد أو اثنين، وتجد الزحام الشديد وطول المواعيد وصعوبة التواصل مع الموظفين والقضاة من جانب النساء، وأغلبها لا يتوافر فيها حتى مكان للانتظار، وهذا يتنافى مع المشروع المعلن "لتأسيس محاكم الأحوال الشخصية" الذي نص على وجود محكمة أحوال شخصية في كل منطقة في بيئات نموذجية تحفظ بها كرامة المرأة ويتحقق فيها العدل خاصة ما يرتبط ببعض القضايا من وجود أطفال.
وعلى وزارة العدل أن تلتفت "لمحاكم الأحوال الشخصية" وتستمر في تطويرها لتكون في كل مدن المملكة بدلا من بعض الدوائر الملحقة بالمحاكم العامة، والعمل على تأسيس نظام موحد خاص بها أسوة بالنظام الموحد لمحاكم الاستئناف، والاستمرار في تأهيل القضاة فيما يتعلق بملفات مهمة في الحضانة والعنف الأسري وغيرها، وإتاحة الفرصة للمحاميات بشكل أكبر لمساندة النساء وتقديم المشورة والدعم لهن باعتبارهن الطرف الأضعف في القضايا، وما يرتبط بذلك من ضياع لحقوقهن وحقوق أبنائهن في بعض القضايا نتيجة جهلهن بالأنظمة ومطالبات الترافع والحقوق، وزيادة ودعم مكاتب الإصلاح الاجتماعي والإرشاد الأسري لتكون جزءا أساسيا من أنظمة محاكم الأحوال الشخصية للحد من قرارات الطلاق الانفعالية المتسرعة.