عندما يضيع دم «حسابات المشتركين» بين الأجهزة المنظمة

يقع الغش في محطات الوقود بعدة طرق منها تخفيض جودة البنزين ليكون أقل تكلفة ويباع بسعر البنزين عالي الجودة نفسه، ومنها اللعب بعداد الليترات ليحسب أكثر من الحساب الحقيقي، ومنها تغيير التسعيرة بما هو غير ملاحظ. لا شك أن معظم محطات الوقود تخضع للرقابة الصارمة من قبل أمانات المدن وبلدياتها ومن قبل وزارة التجارة ومع ذلك يقع الغش، الأمر الذي يجعلنا نحاول قدر الإمكان أن نزود سياراتنا بالوقود من شركات لديها سلسلة كبيرة من المحطات وتحرص على الحفاظ على صورتها وسمعتها لنتجنب طرق الغش كافة.
حساباتنا في المصارف يحتمل أن تتعرض كذلك لأكثر من طريقة غش لسرقتها وكما سمعنا عن قرصنة ذكية على حسابات المصارف حيث تسرق الهللات والريالات القليلة إلا أن سارقها يحصل على عشرات الملايين عندما تكون السرقات بشكل دوري ومن أعداد كبيرة من الحسابات. والمصارف تبذل جهودا كبيرة لمنع ذلك حفاظا على سمعتها، ولله الحمد والمنة فإن نسبة تعرضنا لهذا النوع من السرقات قليلة جدا.
حساباتنا لدى شركة الكهرباء وشركة الماء وشركات الاتصالات هي الأخرى يمكن أن تتعرض لقرصنة من هذه الشركات عن عمد وقصد كسياسة شركة لتحقيق المزيد من الإيرادات دون أن يشعر صاحب هذه الحسابات وخصوصا أن أعداد المشتركين بالملايين، ولكم أن تتخيلوا زيادة عشرة ريالات على كل فاتورة حساب دون أن يشعر العميل لأكثر من عشرة ملايين مشترك مثلا. بكل تأكيد سيكون الرقم الإضافي هو 100 مليون ريال.
القرصنة على حسابات المشتركين في خدمات الاتصالات والكهرباء والماء أكثر سهولة منها في الحسابات المصرفية أو محطات الوقود، والرقابة عليها كما يبدو لي ضعيفة جدا لتعدد الجهات المسؤولة عن مراقبتها ولتساهلها أيضا مع هذه الشركات لأسباب نجهلها. لنأخذ أمثلة من القرصنة التي تمت على حسابات المستهلكين دون أن يتمكنوا من الوصول إلى جهة معينة تحميهم من هذه القرصنة.
إحدى شركات الاتصالات أعلنت عرضا لمضاعفة الدقائق حال شحن الجوال بمائة ريال حيث يصبح الرصيد 200 ريال، واشترك فيها أحد الأصدقاء إلا أنه لاحظ أن تكلفة الدقيقة ثلاثة أضعاف التكلفة دون العرض خصوصا للمكالمات الدولية ما يعني أن العرض كاذب وأنه أسوأ من تعبئة الرصيد دون عرض، وهنا نجد قرصنة على حساب المشترك من خلال زيادة تكلفة الدقيقة دون أن يشعر المستهلك، وعندما لاحظ ذلك وخاطب الشركة عبر الهاتف المجاني لم يجد جوابا شافيا.
آخر يقول اشتركت بنظام الدفع المسبق مع إحدى شركات الاتصالات ووجدت أنه كل يوم يتم الخصم من حسابي دون أن اتصل وحينما اتصلت قالوا لي إنك مشترك في خدمات رسائل مع جهة معينة وقال لهم لم يحصل هذا، إلا أن السحب من الرصيد استمر، وعندما كلمهم مرة أخرى وطالب بإلغاء ما يحصل على رصيده قال له الموظف إن النظام مع الأسف بطيء جدا ولا يمكن أن ينفذ ذلك الآن، وهنا تأكد أن الخصم قضية ممنهجة وأن الموظف لا حول له ولا قوة ما جعله يلغي الاشتراك ويذهب لشركة أخرى ولكن كالهارب من الرمضاء للنار مع الأسف الشديد.
مشترك يقول إن فاتورة الكهرباء تأتي أحيانا بأكثر من 30 يوما وهي فاتورة تراكمية ما يعني أنه يدخل في شرائح أعلى بسبب تمديد مدة الشهر الهجري وهذا يعني أنه يدفع أموالا أكثر من المفروض، واتصل وطالب ولا حياة لمن تنادي، ويقول هذا المشترك حتى قراءة العداد غير مطمئنة لأنها تجري من قبل أفراد وليس بنظام إلكتروني لا يقبل الخطأ، بل قراءات بشرية بنسب خطأ عالية جدا وقد يكون الخطأ أحيانا متعمدا.
أحد المشتركين مع شركة الاتصالات يقول اشتركت في باقة معينة وهاتفي مسبق الدفع وحال انتهاء مدة الباقة ولو لساعتين دون قطع الخدمة يتم سحب معظم الرصيد الباقي كتكاليف استخدام للنت دون الباقة، ويقول إن المبلغ المقطوع غير معقول ولا مقبول بأي حال من الأحوال وهو شكل من أشكال القرصنة على حسابي ولكن لا حياة لمن تنادي، وكذلك الأمر لأحد المشتركين الذي يقول إن معدل خصم عدد الميجابايت من العرض الذي اشترك فيه خيالي ولا يتناسب بتاتا مع عدد الميجابايت التي يستخدمها حسب عداد جهاز الهاتف الذي يستخدمه بل يفوقها بخمسة إلى عشرة أضعاف وبشكل مقيت.
أما المشتركين في شركات الاتصالات بنظام الفواتير وليس الدفع المسبق فيتحدثون عن غموض كبير في تكليفهم مبالغ غير معقولة الأمر الذي حدا بالكثير منهم للتوجه للدفع المسبق والاشتراك في الباقات ولكن الحال ليس بأفضل من حال الفواتير بكثير حيث سرعة عداد الخصم بما يفوق الواقع بأضعاف مضاعفة دون رقيب أو حسيب.
ما ذكرته هو تساؤلات عديدة يتداولها الناس والسؤال الأهم في رأيي هو كيف لنا أن نحمي حسابات المشتركين حيث إن الأجهزة المنظمة لأي خدمة في البلاد تتحمل مسؤولية حماية المستهلكين كما تتحمل تنظيم وتطوير السوق التي تنظمها؟. بكل تأكيد فإن حماية حسابات المشتركين عرضة للتلاعب بشكل كبير حتى أن أحدهم يقول إنه مشترك في باقة مقطوعة بمبلغ معين إلا أن الفاتورة الشهرية لا بد أن تأتي بزيادة حتى لو ريالين دون أي سبب وعليه الدفع أو أن يتم قطع الخدمة.
أتطلع إلى أن تقوم وزارة التجارة من خلال وكالة حماية المستهلك بالتعاون مع الأجهزة المعنية الأخرى، بوضع نظام صارم ودقيق لحماية حسابات المشتركين في كل الخدمات، وأن يكون هناك نظام رقابة إلكتروني مدعوما بنظام شكاوى إلكتروني، كذلك ونظام عقوبات رادع للشركات التي تتلاعب لزيادة إيراداتها دون وجه حق على حساب المشتركين، وكلي ثقة بأن الوزارة ستقوم بذلك بمشيئة الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي