رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


شبابنا .. والاستهداف الفكري

التطرف لدى الشباب في هذا الزمن أصبح من أكثر الأخطار المحدقة بهم. والتطرف هنا قد يكون بإكسابه الصبغة الدينية وتصوير هذا التطرف والتشدد الديني بأنه المنقذ للشاب من الأخطار المحدقة به، وأنه صك الغفران الذي سينال به رضى الرحمن ودخول الجنان. وقد يكون هذا التطرف بالتفكك من الأواصر والأعراف المجتمعية والدينية، وبما يجعل الشاب مناهضا لكل ما هو ديني ومحاولا لكسر قيود الأعراف التي نشأ عليها هذا المجتمع المتماسك والمحافظ. كلاهما دون شك خطر على جيل الشباب وعلى هوية الوطن، وكلاهما نشأ نتيجة لظروف كثيرة تسرق الشباب من أواسطهم المجتمعية والوطنية لترمي بهم مرة في أحضان التحرر والانفتاح ومرة في أحضان التشدد والانغلاق، وكلاهما أيضا يتأثر بمحيط من المؤثرات الخارجية التي تتهادى على عقول الشباب لتخرج أسوأ ما فيهم. وبين هذا وذاك ما زال الوطن يفخر بشباب من الجنسين دأبوا على حمل رسالة الإسلام والوطن من أجل غد مشرق لوطن منحنا الكثير.
الأحداث التي شهدتها بعض مدن المملكة خلال الفترة الماضية، خاصة ما وقع على رجال الأمن الأوفياء في مدينة الطائف تبرهن على أن هذا الجيل يعاني اختطافا فكريا يذهب به مرة إلى التفلت عن الدين وممارسة أبشع صور التعدي على حقوق الغير، ثم يعود به لقيده بقيود دينية لم تكن ضمن الأطر الدينية الوسطية التي نشأنا فيها وعايشناها على مر العقود الماضية من الزمن.
رغم الاستنكار من فئة كبيرة من شبابنا لهذه الممارسات، التي أوضحت أن من وقع في هذه الممارسات لم يكونوا قبلها ضمن الأسوياء من الشباب، بل إن حياتهم تتلقفها الأمواج يمنة ويسرة ليكونوا صيدا سهلا لجماعات التكفير والأفكار الدموية التي تشوه صورة البلاد وتحدث شرخا عميقا في تاريخ هذا الوطن عندما يعاني بأيدي أبنائه.
هنا نتساءل عن الدور الحقيقي للأسرة والتربية السليمة، ودور مؤسسات التعليم ومراقبة حياة الشباب وما يعترضهم من تيارات تختطفهم من بين أيدينا، وعن الدور الفعال للمسجد في تربية هؤلاء النشء وإكسابهم الحصانة الفكرية من الاختراقات المخطط لها من أعداء الدين وأعداء الوطن، وقانا الله شرهم.
أكاد أجزم أن الجميع يعمل بجد ومثابرة من أجل تحصين شباب هذه الأمة من الأخطار والمغريات المتطرفة في جميع اتجاهاتها، ولكن تبقى هذه الجهود جهودا منكفئة على نفسها وبعيدة كل البعد عن التكامل الذي يفترض أن يوجد وحدة متكاملة ومتجانسة تسهل الكشف عن الأخطار التي تحيط بشبابنا، والتعامل معها بكل قوة من أجل حماية مستقبل هذا الوطن.
حمى الله بلادنا من كل شر، ورحم شهداءنا وجعلهم نبراسا لنا جميعا من أجل غد مشرق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي