رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


واقع الأمة في كلمات بليغة

منذ فترة طويلة من الزمن لم تقرأ الأوساط السياسية والثقافية في المملكة العربية السعودية مقالا تناول قضية وطنية كبرى بالتحليل والصراحة كالمقال الذي كتبه الأمير خالد الفيصل ونشره في الأسبوع الماضي في جميع الصحف السعودية تقريبا، ولذلك أحدث المقال صدى في جميع أرجاء الأندية والمنتديات الثقافية والسياسية داخل المملكة وخارجها. بدأ الأمير خالد مقالته بالإشارة إلى التأسيس فقال:
في يوم مشرق بالأمل - أوائل القرن العشرين - انشق الأفق عن شمس الجزيرة العربية تعلن ميلاد الدولة السعودية الثالث.
وأعتبرها مناسبة كي أتوقف عند تاريخ تأسيس المملكة، وعلى كل الذين لا يعرفون ميلاد المملكة العربية السعودية أن يعرفوا أن المملكة العربية السعودية تأسست في 4 شوال 1319 الموافق 2 يناير 1902 (أوائل القرن العشرين) كما قال الأمير لا فض فوه، يوم أن وفق الله تعالى الملك عبد العزيز ورجاله البواسل بدخول الرياض العاصمة، وكان معظم الوطن العربي – آنذاك - يرزح تحت نير الاستعمار، وكان الاستعمار البغيض يرفع في الدول العربية التي استعمرها راية الفصل بين الدين والدولة، لكن هذه الدولة السعودية الفتية الباسلة أبت إلا أن تراهن على أن مبادئ الإسلام صالحة لكل زمان ومكان، فاتخذت القرآن والسنة دستورا ومنهج حياة، وبهذا الخيار الصحيح الصائب نجحت الدولة نجاحا منقطع النظير، فبعد أن كانت قبائل وشعوبا تتقاتل على الماء والكلأ، أصبحت - في زمن قياسي - دولة موحدة كاملة الأهلية، بحكومة ووزارات ومؤسسات وميزانيات، وخطط تنموية توظف ما وهبها الله من خيرات - خاصة بعد تدفق النفط من أرضها - في البناء والتأسيس لمستقبل واعد.
وبعد هذه المقدمة الموضحة لمرحلة التأسيس وأجوائه الإقليمية والدولية، بدأ الأمير خالد الفيصل يدخل في صلب القضية التي يعالجها المقال فقال:
لقد مرت الأمة الإسلامية - منذ فجر الإسلام - بأزمات وصراعات وفتن كثيرة وخطيرة.. ولكنها لم تمر بفتنة وأزمة أكثر خطورة من الأزمة التي نعيشها، التي اتفقت فيها غايات وأهداف الأعداء، مع شهوات وطموحات بعض الجهلاء، على الإساءة إلى الإسلام والمسلمين بهذا الشكل، وهذا العنف، وهذا الظلم، لقد اختفت الحكمة وتجلى الجنون، وأصبح الجهاد انتحارا، والوفاء غدرا، والأمن فوضى، والحرائر سبايا، وعاثت العصابات والميليشيات في الأرض فسادا، بالقتل والاغتيال والتفجير، حتى في المساجد، وانتشرت صور الأطفال يبكون أشلاء آبائهم وأمهاتهم، والرجال يحرقون أحياء، والحكومات تسقط، والدول تتقسم.
الأمير خالد الفيصل شرح في مقالته البليغة الواقع الذي تمر به الأمة، ثم استعرض حجم المخاطر التي تستهدف الوطن، وطالب السعوديين بتحمل المسؤولية والتأهب للدفاع عن وطن الخير والإنسانية الذي تستهدفه قوى خارجية إرهابية وشريرة، وقال: حينما أسس الملك عبد العزيز هذا الوطن الغالي الأثير إلى نفوسنا جميعا في 4 شوال 1319هـ (2 يناير 1902) وعد الأمة بأن دعائم الوطن تقوم على مبادئ الدين الإسلامي الأقوم، وعلى هدي كتاب الله الكريم والسنة المحمدية الغراء: ولكن هذه الدولة السعودية الفتية نشأت وسط محيط عربي يحتله الاستعمار ويفرض عليه نماذج من القوانين الوضعية المادية التي تقوم على أساس الفصل بين الحكم والسياسة أو بين الدين والدولة.
وكانت المملكة العربية السعودية هي الدولة المستقلة العربية الوحيدة التي تأخذ بعدم الفصل بين الحكم والسياسة ولا بين الدين والدولة، بل كانت تراهن على أن الإسلام هو دين الدولة وأنه لا يسن قانون أو نظام إلا وفقا لمبادئ الدين الإسلامي الأقوم ووفقا لما جاء في الكتاب والسنة المحمدية الغراء.
ووسط هذا الحجم الهائل من التحديات كسب المؤسس الملك عبد العزيز الرهان ونجح في بناء دولة عتيدة قوية تقوم مبادئ الدين الإسلامي، بينما تساقطت الدول التي كانت تقوم على فصل الدين عن الدولة وكانت تقوم على قوانين مادية بشرية تتجاذبها الأهواء والسياسة حتى أطاحت بهذه الدول دولة إثر دولة.
واليوم مرت نحو 113 سنة على تأسيس المملكة العربية السعودية، وعجزت قوى الشر عن تحقيق مآربها، ونجحت المملكة العربية السعودية في قيام دولة عصرية حديثة عمرت الصحراء ونشرت الاستقرار والتنمية في ربوع جزيرة العرب، وأصبحت تقف جنبا إلى جنب مع الدول الكبرى وتحتل مقعدها الوثير في لجنة العشرين كقطب من أقطاب العالم وتقود منطقة الشرق الأوسط، وتتقدم نحو ترسيخ أسس ومبادئ الدين الأقوم في دولة تتقدم إلى قيادة منطقة من مناطق العالم، وتنجح في تأسيس دعائم السلم والأمن الدوليين.
كانت مجهولة مقصية – عالميا - فأصبحت من أهم دول الشرق الأوسط .. بل العالم.
كانت فقيرة، فأصبحت - عضوا في نادي العشرين - تشارك في قيادة اقتصاد العالم.
كانت الأمية فيها طاغية، فأصبح أبناؤها -وبناتها- يحصدون الجوائز العالمية في العلوم والرياضيات.
كانت تفتقر إلى الجامعات، فأصبحت في كل المناطق ومعظم المحافظات.
كان جيشها أفرادا بلا تدريب ولا تسليح يذكر، فأصبحت من أهم دول المنطقة عسكريا، بجيش وطيران حربي ضارب، برهن قدرته في أكثر من مناسبة.
أما في الحقل الدبلوماسي، فقد صارت المملكة مرجعية الحكمة عربيا، واعتادت الرؤوس أن تلتفت إلى وزير خارجيتها وتنشد صواب الرأي.
وقد تحقق لمملكتنا كل ذلك بفضل الله - سبحانه وتعالى- على هذه البلاد وأهلها، ثم بحكمة ملوكها الأفذاذ، الذين تمسكوا بإدارة الحكم على شرع الله دون سواه، وأنزلوا المواطن منزلة الأب والأخ والابن، وأتقنوا سياسة التعامل مع الدول والمنظمات والأفراد، وفرضوا احترام الدولة على المجتمع الدولي.
إن الصورة الآن كما رسمها الأمير خالد الفيصل هي أن جماعات إرهابية مسلحة ومتطرفة بدأت تتقدم وتنشر المفهوم الخاطئ لهذا الدين القيم، بأفعال الجهلة الطامحين، فضللوا الناس بالفتاوى الكاذبة .. ووعدوهم بالجنة إذا قتلوا وانتحروا، وبالثواب إذا ظلموا، وبجمع الأموال بكل وسيلة حتى بما حرم الله، فجعلوا كل ذلك سلاحا في يد الأعداء، يروجونه في وسائلهم الإعلامية للإساءة ظلما وعدوانا إلى الإسلام، وهم يعلمون أنه غير صحيح.
من يصحح هذا المفهوم؟ وكيف؟
وفي مقالته المفوهة يخلص الأمير خالد الفيصل إلى أن الإنسان السعودي هو المؤهل اليوم للقيام بدور القدوة والأنموذج للإنسان المسلم المتحضر المؤمن القوي الأمين.
والدولة السعودية هي المؤهلة اليوم لتطوير نفسها لتقود العالمين الإسلامي والعربي، وتصحح المفهوم المغلوط عن الإسلام.
والنظام السعودي هو القادر على أن يجعل من نفسه النظام الأنموذج، للنظام الإسلامي الصحيح الأمثل لكل المسلمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي