عندما نفتخر بـ «الكرش»
تعد "السمنة" من الأشياء التي نفتخر بها في السعودية، وبسببها عرفنا العالم أجمع، وجعلتنا في مقدمة تقارير منظمة الصحة العالمية، فنحن ــ ولله الحمد والمنة ــ ووفق إحصائيات دولية من ضمن قائمة الشعوب العشرة الأكثر سمنة في العالم، بل إن بعض التقارير كانت أكثر دقة ووضعتنا في المركز الثالث.
هذا المركز المتقدم على مستوى العالم لم يأتِ من فراغ ولم يأت بمحض المصادفة ــ كما يردد بعض المحبطين ومكسري مجاديف الإبداع ــ بل جاء بعد جهد وتعب وعرق ومثابرة وإصرار على الضرب بـ "الخمس" دون كلل أو ملل، وإحقاقا للحق وكي لا نسلب الآخرين جهدهم فموقعنا الحالي والمتقدم على مستوى الشعوب عالميا لم يكن السبب الرئيس فيه هو الجيل الحالي، بل هو نتاج جهد مشترك من كل الأجيال، فكل جيل كان يسلم الراية للجيل الذي يعقبه في تناغم لا مثيل له.
الجامع المشترك بين تلك الأجيال المتلاحقة رغم متغيرات الظروف الحياتية والمعيشية هي "الكبسة"، التي ما زالت تحتفظ بالمركز الأول كطبق رئيس في كل المنازل السعودية وعلى مدى 100 عام منصرمة.
"الكبسة" طبق لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن أن يمر يوم دون أن نتناوله، وعلاقتنا معها تجاوزت مرحلة العشق لدرجة أننا نتعامل معها بطريقة "ما نقوم من الصحن حتى ينتهي الرز"، أيضا نحن تربطنا علاقة متينة بالمقليات والمشويات والحلويات والمعجنات، ولو تطور فينا الوعي وبلغ فينا مبلغا كبيرا لا يمكن أن نحرم بطوننا منها، ولا نبالي بالكروش التي تتقدمنا بمتر، تزيد قليلا أو تنقص، وعندما تصفها بعض الشعوب بالأمر المعيب في جسد المرء، نراها نحن "وقارا" يزيد وقارنا المتأصل فينا.
أستغرب من بعض المختصين والأطباء الذين يحذروننا دوما من "السمنة" والراغبين في سلبنا مكتسباتنا "الشحمية" التي بنيناها يوما إثر يوم بتعب وجهد وعرق لا مثيل لها، والغريب أنهم يرون في رمضان فرصة لخفض الوزن راغبين في حرمان "كروشنا" من كل ما لذ وطاب من نعم الله علينا.
من الأشياء الغريبة التي نتعرض لها وترغب في تحميل السمنة ما لا تحتمل، هي تلك التقارير التي تتحدث عن تسببها ــ أي السمنة ــ في أمراض القلب والسكري والضغط، وهي الأمراض التي نتصدر فيها دول العالم أيضا، متناسين أن تلك الأمراض التي تصيبنا ما هي إلا بفعل "عين" ما صلت على النبي ولم تكن في يوم بسبب السمنة.