رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


«سيلفي» .. الطائفي والمتطرف

لا أستغرب الهجمة الشرسة التي تعرض لها ناصر القصبي وخلف الحربي بعد بث الحلقة الأولى من مسلسل سيلفي.
الواقع أن حالهما في الحلقة الثانية والثالثة لم يكن أفضل، ولكن تغيرت بوصلة الهجوم.
في الحلقة الأولى كانت المواجهة مع من يستغل التدين ويوجهه وجهة تتلبس الحس الدعوي، ولكنها تستغل هذا الحس الدعوي ولا تخلص له، وظهر ذلك من خلال شخصية المطرب التي جسدها ناصر القصبي، والتي دفعته لادعاء التدين للتكسب منه بعد فشله في الفن.
الدراما المقدمة عن "داعش" في حلقتين لم تبتعد عن هذا الخط، فالذي كان منحرفا ظل منحرفا، ولكنه أعطى انحرافه صبغة دينية، وهذا ما شهدناه من خلال الشخوص الشاذة والمخدوعة التي تعيش تناقضات الفكرة والواقع الذي يختلط به الفجور بالقتل. وفي حلقة الأربعاء الماضي، كانت دراما "سيلفي" تمارس تشريحا مباشرا ومؤلما لواقع آخر، إذ لامست موضوع الطائفية، من خلال محاكاة أفكار وأحكام جاهزة تؤدي إلى تهديد التعايش وإشاعة الفتنة.
من المؤكد أن هناك مناطق ملغومة وطئها ناصر القصبي بأدائه المميز من خلال تجسيده الرؤية الدرامية التي صاغها خلف الحربي.
هذا الثنائي الذي بناه الكاتب خلف الحربي والممثل ناصر القصبي، جعل المشاهد يمارس فرجة مريرة على واقع أليم تعيشه مجتمعاتنا، ولا تستطيع مواجهته خوفا من الاتهام بالخوض في الدين. ولا شك أن هناك فرقا شاسعا بين انتقاد ممارسات خاطئة يتم إلصاقها بالدين، وبين جوهر الدين الصافي.
لقد أكد الهجوم من أطراف متعددة على حلقات "سيلفي"، والتهديد بالقتل الذي تلقاه ناصر القصبي من "داعش"، والتكفير من أطراف أخرى، أن التطرف الذي كانت الحلقات تدينه حقيقة واقعة، وإن علينا أن نواجهه بكل ما نملك. لقد نجحت دراما "سيلفي" في كشف كثير من قبح "داعش" وأشياعها.
ولا شك أننا نحتاج إلى مزيد من المحاكاة لهذا الواقع، فالدراما تختزل الكثير من الكلام، وتعيد تحفيز الوعي بشكل أسرع، فالكثير من الناس قد لا يجدون صبرا على القراءة أو متابعة النقاشات. وهم في المقابل يتابعون الدراما المؤثرة على غرار "سيلفي" بمنتهى الشغف. حتى أولئك الذين يهاجمونها. وهذا هو ما أوجع "داعش" وأشياعهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي