رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


أين العصر الذهبي للغاز؟

بعيدا عن الرفاهة التي بشرت بها وكالة الطاقة الدولية في عام 2011 في تقريرها "العصر الذهبي للغاز"، يجد منتجو الغاز الطبيعي صعوبة في منافسة الفحم الرخيص وتزايد مصادر الطاقة المتجددة الرخيصة، من غير المرجح أن يحقق الغاز تقدما كبيرا في مجال توليد الطاقة الكهربائية في آسيا إلا إذا ضمن المستهلكون هناك أسعارا أقل بكثير من الأسعار السائدة على المدى الطويل.
بالتأكيد جزء كبير من السبب الذي حدا بشركات النفط الأوروبية العملاقة إلى المطالبة بأسعار عالية للكربون هو الحاجة إلى تعزيز موقف الغاز مقابل الفحم، خصوصا في أوروبا، حيث انخفض الطلب على الغاز الطبيعي. وفي الوقت نفسه في الولايات المتحدة، حيث الغاز الطبيعي مهيمن على الفحم بسبب الأنظمة البيئية وانخفاض أسعار الغاز، أصبحت الصناعة النفطية ضحية لنجاحها في توفير إمدادات كبيرة من الغاز الطبيعي عن طريق تطوير مصادر الغاز الصخري حتى عند أسعار منخفضة جدا. ليس من المتوقع أن تحقق أي من أسواق الغاز الإقليمية الرئيسة الثلاث – أوروبا، آسيا وأمريكا الشمالية – النجاحات التي بشر بها تقرير "العصر الذهبي للغاز" بحيث يلعب الغاز بثقة دور الوقود القيادي المجسر في الانتقال إلى مستقبل طاقة أنظف.
في تقريرها الأخير عن "أسواق الغاز على المدى المتوسط" خفضت وكالة الطاقة الدولية توقعات نمو الطلب العالمي على الغاز على مدى السنوات الخمس المقبلة إلى 2 في المائة سنويا مقارنة بـ 2.3 في المائة في نسخة العام الماضي، تتوقع الآن أن يصل الطلب على الغاز إلى 3.926 ترليون متر مكعب في عام 2020 (أي 380 مليار قدم مكعبة في اليوم). يعود السبب بصورة كبيرة إلى ضعف نمو الطلب في آسيا، حيث إن ارتفاع أسعار الغاز دفع المستهلكين إلى البحث عن بدائل أرخص مثل الفحم أو أكثر نظافة مثل الطاقة النووية. ويواجه الغاز أيضا رياحا معاكسة في أوروبا والولايات المتحدة، حيث تباطؤ النمو في الطلب على الكهرباء والتقدم الذي أحرزته مصادر الطاقة المتجددة لا تترك له فرصة جيدة للنمو.
في محاولة لخلق المزيد من الفرص لاستخدام الغاز في توليد الطاقة الكهربائية، دعت ست شركات نفط أوروبية رئيسية في وقت سابق من هذا الشهر إلى أسعار كاربون تمكن الغاز من التفوق على الفحم كشريك لمصادر الطاقة المتجددة، في الأسبوع الماضي انضمت الشركة الإسبانية ربيسول إلى هذا التجمع. من المتوقع أن تؤدي أسعار الكربون القوية إلى زيادة استخدام الغاز في أوروبا، استنادا إلى خبرة المملكة المتحدة في هذا المجال، والتي قامت من جانب واحد بفرض حد أدنى لأسعار الكربون منذ شهر نيسان (أبريل) من عام 2013. هذا الحد الأدنى يحدد سعر الكربون الذي على الشركات دفعه على انبعاثاتها من غاز ثاني أوكسيد الكربون. وفي نيسان (أبريل) من هذا العام قامت برفعه إلى نحو 18 باوندا إنجليزيا للطن أي نحو 27.5 دولار للطن. إذا كان سعر الكربون في نظام cap-and-trade الأوروبي أو ما يعرف بـ "وضع حد أقصى للانبعاثات – والمتاجرة بها" أقل – وهو حاليا بحدود ثمانية دولارات للطن – على الشركات دفع الفرق إلى الحكومة. نتيجة لذلك قفز معدل توليد الطاقة الكهربائية العاملة بالغاز في المملكة المتحدة بنحو 53 في المائة بين شهري كانون الثاني (يناير) ونيسان (أبريل) من هذا العام، في حين انخفض استخدام الفحم بنحو 37 في المائة في الفترة نفسها، حيث لعب سعر الكربون دورا كبيرا في جعل الغاز أكثر قدرة على المنافسة. وينبعث من وحدات توليد الطاقة العاملة بالفحم ما يقرب من ضعف انبعاثات محطات الطاقة الغازية، وأسعار الكربون ترفع كثيرا من تكاليف وحدات توليد الطاقة العاملة بالفحم.
وفقا لوكالة الطاقة الدولية " إذا أراد العالم أن يوقف انبعاثات غاز ثاني أوكسيد الكربون، يجب فرض أسعار على الكربون". لكن في مراكز الطلب على الغاز الرئيسية في آسيا، حيث أسعار الغاز كانت حتى وقت قريب عالية، سيتمكن الغاز من تحقيق نجاحات حقيقية في مجال توليد الطاقة فقط إذا ما تأكد للمستهلكين الحصول على أسعار تنافسية على المدى الطويل. من شأن فرض ضريبة على الكربون التأثير في الفحم أكثر، لكنه أيضا يرفع من تكاليف استخدام الغاز. الاعتقاد السائد بأن آسيا سوف تستهلك أي كمية من الغاز مهما كان الثمن لم يعد أمرا مسلما به، وفقا لوكالة الطاقة الدولية. انخفاض أسعار النفط سوف يكون في مصلحة الطلب على الغاز على المدى القصير، حيث إن عقود الغاز الآسيوية تقليديا مرتبطة بأسعار النفط. لكن بعض الدول الآسيوية تركز بالفعل على محطات توليد الطاقة العاملة بالفحم، على صناعة الغاز أن تثبت أنها قادرة على توفير إمدادات الغاز بأسعار أقل بكثير من تلك التي كانت سائدة في الماضي القريب. في الوقت نفسه، يطالب منتجو الغاز الطبيعي بضرورة ارتفاع أسعار الغاز فوق المستويات السائدة حاليا لجعل مشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة مجدية اقتصاديا.
أحد الأسباب الرئيسة لعدم انضمام شركات النفط الأمريكية لأقرانها الأوروبية في الدعوة لتسعير الكربون، هو تأثير ذلك في أسعار الغاز للمستهلكين. تسعى شركات النفط العملاقة بصورة عامة إلى جعل الغاز الجزء الأكبر من عملياتهم، هناك مخاوف من أن الأسعار العالية ستؤدي إلى تجاهل الغاز كوقود مجسر في الانتقال إلى عالم أكثر نظافة، خصوصا أن بعض واضعي السياسات في بلدان مثل الصين والهند يحاولون القفز مباشرة من الفحم إلى مصادر الطاقة المتجددة. في هذا الجانب، قال الرئيس التنفيذي لشركة شيفرون في مؤتمر "أوبك" الدولي السادس الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا، في وقت سابق من هذا الشهر، إن أسعار الكربون ستترجم إلى أسعار عالية على المستهلكين، وأضاف أنه "لم يسمع قط يوما بأن المستهلكين يقولون إنهم يريدون أسعارا عالية". من جانبه أشار الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل إلى الأضرار التي يمكن أن يلحقها تسعير الكربون بالاقتصاد العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي