وسائل التواصل لاستعطاف المجتمع
المجتمعات العربية بشكل عام مجتمعات عاطفية تتأثر بما تسمع وبما ترى أكثر من الحكم الموضوعي على الحالات ومحتواها. حالات التسول في مثل هذه المجتمعات تتلاعب بعواطف الناس لتحقيق النتائج اللحظية. تطورت وسائل التسول والتلاعب بعواطف الناس من الطرق التقليدية المباشرة لتمتد إلى توظيف تقنيات الاتصالات، ووسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق وصول سريع وانتشار أكبر. هذا لا يعني أنه يوجد هناك حالات تستحق العناية والاهتمام لما تعانيه من ظروف قاسية، كما يوجد كثير من الحالات المتعففة، التي لا تجرؤ على إيصال معاناتها لا بالطرق التقليدية ولا بالطرق الحديثة. هنا نكتشف أن عددا ليس بالقليل من الحالات التي تظهر لمجتمعاتنا هي عمليات نصب واحتيال وتوظيف لعامل المشاعر دون خوف أو خشية، وهذا فعليا يعود إلى عدم وجود أنظمة تعاقب المحتالين أو أن الأنظمة يتراخى في تفعيلها القائمون عليها. أيضا عدم وجود نظام فعال للتشهير بهؤلاء المحتالين سيفاقم من المشكلة ويجعلها طريقا سريعا لتحقيق مكاسب شخصية على حساب العاطفة والدين.
القصص التي سمعنا بها في الفترة الماضية كثيرة ولا مجال لحصرها، لكن يمكن الاستفادة منها في المطالبة بوجود أمور تتمثل في:
- تفعيل أكبر لدور وزارة الشؤون الاجتماعية لمعالجة حالات الفقر والعوز في المجتمع، وتسريع لربط بيانات المستفيدين ببيانات أجهزة الدولة الأخرى للقضاء على فرص التلاعب واستغلال مقدرات الوزارة لمصلحة الفقراء والمحتاجين.
- تفعيل دور الجمعيات الخيرية والأهلية لحصر حالات الحاجة والتأكد منها، وقيدها بشكل يسهل على الوزارة والمتبرعين الوصول لأصحاب الحالات دون تكرار أو إضرار بمن هم في حاجة.
- التأكيد على وسائل الإعلام الحديثة والصحف الإلكترونية بضرورة التثبت من نشر الحالات الإنسانية، ومعاقبة من يساهم في إثارة الرأي العام دون دلائل ووثائق تحفظ الحقوق.
- التسريع بإيجاد نظام فعال للرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، وإيجاد القوانين والأنظمة الرادعة لمن يستغلون هذه الوسائل في التكسب غير المشروع، والتشهير بهم ومعاقبتهم حتى لا تكون هذه الطريقة هي الأسهل للتكسب غير المشروع.
- زيادة الوعي لدى المجتمع حتى لا ينجرف خلف حالات تتلاعب بمشاعره، ويتحمل كل شخص مسؤولية في عدم النشر بدون تثبت حتى لا تكون سببا في زيادة عدد المتضررين دون وجه حق.
إعانة المحتاج ومساندة المظلومين خصلة رائعة في مجتمعنا نأمل ألا تندثر بسبب تجاوزات بعضهم، التي قد تضيع الفرصة على المحتاجين فعليا في الاستفادة من الخير. كما أنها قد تكون سببا في زيادة المتلاعبين بالعواطف إذا لم يكن هناك ما يردع التجاوزات في التصرف.
وكل رمضان وأنتم بخير.