كيف يرفع مجلس الاحتياطي الفائدة ومتى؟
في اجتماع يوم الأربعاء الماضي، ذكرت يلين رئيسة مجلس الاحتياطي الأمريكي (الفد) ما يمكن اعتباره مقدمة أو مدخلا إرشاديا، عندما تحدثت عن آفاق سعر الفائدة. وخلاصتها ارتفاعها التدريجي. وللتوضيح، لم يتقرر الرفع بعد، لكنه عندما يتقرر، فسيكون تدريجيا. أي أن التشديد في السياسة النقدية سيكون متدرجا.
الهدف من التدريج طمأنة الأسواق. الرفع أو ما يعتبر تشديدا (أمريكيا) نقديا، يستهدف تقليل مخاطر قفزات في المعدلات السوقية، أو بما يمكن أن يؤدي إلى عمليات بيع واسعة في السوق المالية.
تلك الطمأنة مبررها أن الشكوك ما زالت قائمة في كون الاقتصاد قد تعافى التعافي المطلوب إثر الأزمة المالية العالمية. أو بتعبير آخر لرئيسة مجلس الاحتياطي أن التأثيرات الهامشية للأزمة المالية ستبقى مقيدة للإنفاق ووفرة الائتمان لفترة من الوقت.
بل أكثر من ذلك، ما زالت دورات ضعف في سوق العمل موجودة، رغم انخفاض معدلات البطالة. بل ما زالت الولايات المتحدة واقعة تحت خطر تأثيرات مشكلة الديون السيادية الأوروبية خاصة بين اليونان ودائنيها. أي أنه ما زال الانتظار قائما لدلائل قوية على أن النمو الاقتصادي الحاصل الآن ينحو منحى الرسوخ.
ما معنى سرعة متدرجة في التشديد النقدي؟ هل من تعريف أو معيار؟
لا يبدو وجود معيار موضع تفاهم مسبق، خلاف كون مجلس الاحتياطي ربط عملية التدرج أو اعتبرها معتمدة على البيانات المستقبلية.
كان (الفد) واضحا في الاعتماد على ما يسمى رسما نقاطيا dot plots للتوقعات. وخلاصته أن صانعي السياسة النقدية يتوقعون ارتفاعا في معدل الفائدة، ولكنه ارتفاع متباطئ استنادا إلى المعايير التاريخية.
بناء على ما سبق، يتوقع (الفد) سعر فائدة (للفد) أساسيا في حدود 2.9 في المائة عام 2017، مقارنة بنحو 3.7 في المائة التي يعتبرها (الفد) معدلات طبيعية على المدى البعيد.
ليس الجميع موافقا لسياسة مجلس الاحتياطي (الفد) التدريجية، فهناك من ينتقد. يرون أن سياسة (الفد) تحفز على مزيد فقاعات في أسعار الأصول وأسواق المال. ويبدو أن (الفد) على دراية بهذا الاحتمال، لكن الحالة استوجبت ما يرى فعله.
السؤال التالي: متى؟
هناك خلاف بين امرأتين صاحبتي نفوذ عظيم في عالم السياسات الاقتصادية ذات التأثير العالمي. رئيسة (الفد) يلين تقول أو ترى في هذا العام. أما المرأة الثانية لاجارد، المدير العام لصندوق النقد الدولي، فترى بدايات العام المقبل. واضح أن الفرق الزمني ليس كبيرا.
طبعا نعرف أن القرار في الصندوق ليس في يد مديره. هل نتوقع أن يبحث هذا الأمر في الاجتماع السنوي الخريفي لمحافظي الصندوق؟ نتوقع ذلك، ونتوقع أن تتم الموافقة على الرفع التدريجي. يعني أن يتبنى الصندوق هذا التوجه.
أما بالنسبة لـ (الفد)، فالقرار كما يعرف كثيرون في يد لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياطي. إلا أن رئيسة المجلس ترأس اللجنة، وهذا يعني وجود نفوذ قوي لها على القرار.
وأساس قرارات اللجنة مساعدة الاقتصاد الأمريكي على تحقيق الأهداف الاقتصادية الكلية، خاصة ثلاثة: خفض معدل البطالة واستقرار مستوى الأسعار وأسعار فائدة معتدلة.
ما تقييم حالة الهدفين الأولين الآن؟
التوقعات أنها قريبة جدا من المستويات القابلة للرسوخ على المدى البعيد، بالنسبة للبطالة – نحو 5 في المائة. معدل البطالة الآن قريب جدا من تلك المستويات. مع الأخذ بعين النظر تفاصيل موضع خلاف، ككيفية معاملة من يعملون ساعات أقل مما يسمح القانون أو مما يرغبون. خفض معدل البطالة دون المستويات الراسخة يسبب ضغوطات تضخمية.
ماذا بشأن معدلات التضخم؟ المعدل حاليا منخفض نسبيا، في حدود أو دون مستوى 2 في المائة المستهدف من مجلس الاحتياطي. ومن المتوقع أن يرتفع إذا انخفضت معدلات البطالة. ويبدو أن مستوى التضخم الحالي مبرر لمجلس الاحتياطي في عدم استعجاله برفع سعر الفائدة إلى ما يسمى المستويات الطبيعية. الرفع يضغط على معدلات التضخم نزولا، وهذا غير مرغوب فيه. ماذا بشأن التأثيرات في الأسواق المالية؟ التأثيرات في الأسواق المالية ظهرت حتى قبل رفع سعر الفائدة. التكهنات ثم التأكيدات على قرب رفع سعر الفائدة كافية للتأثير.
من علامات التأثير ارتفاع نسبي في تكلفة الإقراض. ويبدو ذلك جليا في سوق الديون. العائد أو الفائدة في حدود 2.3 في المائة في مطلع هذا الصيف مقارنة بنحو 1.6 في وسط الشتاء الماضي. ورغم استمرار تدني العائد، إلا أن التأثير واضح.