أهلا بالإعلاميات الجدد .. من جامعة الإمام محمد بن سعود
في عام 2014 قبلت كلية الإعلام والاتصال في جامعة الإمام محمد بن سعود أول دفعة من الإعلاميات بعد أن ظلت لنحو 40 عاما تمنع دخول الإعلاميات إلى الكلية بحجج واهية تشوه الجامعة ولا تنورها.
الدفعة الأولى من الإعلاميات في الكلية طوت السنة الأولى من برنامج الحصول على درجة البكالوريوس بنجاح منقطع النظير.
ويجدر أن نسوح في تاريخ هذه الكلية العفية لنتعرف على أهم محطاتها، لقد تأسست الكلية في عام 1394هـ كقسم للإعلام في الجامعة، ومن الخطوات الأولى التي اتخذها القسم وقف القبول على الطلاب الذكور دون الإناث.
وبالرجوع إلى تاريخ الكلية نلاحظ أن مجلس التعليم العالي وافق في عام 2013 على تطوير قسم الإعلام في الجامعة إلى كلية للإعلام والاتصال.
ولقد أعجبتني عبارة "وافق مجلس التعليم العالي على تطوير قسم الإعلام في الجامعة"، لأن "التطوير" هو تحرك إلى الأمام من موقف جامد يخنق الإنتاج ويبعثر جهود العمل الوثاب والدؤوب.
وبدءا من عام 2014 اتخذت الكلية خطوة رائدة حيث كسرت الاعتقاد القديم الذي كان سائدا لأربعة عقود بأن قسم الإعلام في الجامعة للذكور فقط، وقبلت أول دفعة من الإعلاميات اللائي بلغ عددهن 120 طالبة، والبقية تأتي، وستأتي وتأتي في السنوات المقبلة.
إن منع المرأة من التأهيل العلمي أدى إلى اعوجاج واضح في مسيرة الإعلام السعودي، وهناك كثير من الصحف التي تحمل أسماء الأنثى، ولكن للأسف يرأس تحريرها إعلاميون من الرجال لا يتحسسوا مشكلات المرأة ولا يعرفون ما تكابده المرأة من معاناة، وأنا شخصيا مررت بتجربة مريرة للتأهيل الإعلامي للمرأة السعودية، فقد كنت مديرا للتخطيط في مؤسسة إعلامية كبرى، وطلبت مني المؤسسة إعداد دراسة عن إصدار مجلة للمرأة، وبعد جهد وثاب انتهت الدراسة، وتضمنت الدراسة اشتراط أن تكون رئيسة التحرير امرأة مؤهلة تأهيلا أكاديميا في الإعلام، وأحمد الله أن الدراسة راقت لأعضاء مجلس إدارة المؤسسة الذين قرروا بالإجماع إصدار المجلة بناء على الحيثيات الاقتصادية والإعلامية التي وضعتها الدراسة، ولكن فوجئت عند صدور العدد الأول بأن رئاسة التحرير أعطيت لرجل، وكما توقعت فشل هذا الرجل، ثم أعطيت رئاسة التحرير ــ مع سبق الإصرار والترصد ــ لرجل آخر، وفشل الرجل الثاني، ثم أعطيت رئاسة التحرير لرجل ثالث ورابع حتى قَصف الرجال رقبة المجلة، ثم قررت المؤسسة إيقاف إصدار أول مجلة نسائية محلية تصدر في تاريخ الإعلام السعودي المحلي. ولقد عرفت فيما بعد أن سبب عدم تنفيذ شرط تعيين إعلامية سعودية في رئاسة التحرير هو غياب هذا المؤهل وعدم توافره بين السعوديات، ما اضطر المؤسسة إلى تعيين الرجال في رئاسة تحرير أول مجلة نسائية محلية.
إن الإعلام سلاح يجب أن يكون مؤهلا للذب عن الوطن، الرجل والمرأة في صف واحد حتى يعبرا بصدق عن الاتجاه العام للرأي العام السعودي.
إن المرأة الإعلامية اليوم جزء لا يتجزأ من الإعلام الوطني، فلا يمكن أن نتصور برنامجا إخباريا في التلفزيون دون مشاركة فعالة من المرأة، بل لا يمكن أن نتصور أن برامج المرأة في التلفزيون يقدمها الرجال، وهي برامج تتحسس تجارب السيدات ومشاكلهن وقضاياهن.
واليوم بدأت المرأة تدخل بنجاح في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية والرياضية، بمعنى أن المرأة أصبح لها وجود ومؤهل في جميع مجالات حياتنا، ومن الصعب، بل من المكابرة أن ننكر أدوار المرأة، بل من المستحيل أن ننكر أدوارها في حياتنا العامة والخاصة، ولذلك نحن نحتاج إلى سرب من المؤهلات الإعلاميات لتغطية كل التخصصات، حتى الرياضة في حاجة إلى إعلاميات مؤهلات لتقديم الأخبار والبرامج الرياضية، ومن تابع تغطية مسابقات آخر الدورات الأولمبية التي أقيمت في عام 2012 في بريطانيا لا بد أنه لاحظ أنه من المستحيل أن تقدم البرامج الرياضية بدون مذيع ومذيعة، ولا سيما أن جل الألعاب الرياضية تقريبا تشارك فيها النساء.
وإذا كنا لا نستطيع أن نقدم البرامج الإعلامية بدون الرجال، فإننا بالمثل لا نستطيع أن نقدم البرامج الإعلامية بدون سيدات.
ببساطة لأن المشاهدين ليسوا ذكورا فحسب، بل هم وهن من الجنسين، وواجبنا أن نعطي الفرصة السيدات تماما كما أعطيناها الذكور.
إنني أرحب بوجود سرب واعد من الإعلاميات المؤهلات اللائي سيضئن طريق الإعلام السعودي المعاصر، وسيدافعن عن كل أشكال قضايا المملكة مثلهن مثل إخوانهم الإعلاميين سواء بسواء.