رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لماذا هذه الإجراءات في فروع وزارة المياه والكهرباء؟

لعلي استطعت أن أعرف إجابة لسؤال الشاعر عن المعاناة، وهل هي من صميم القلب أو أنها خارجة عنه، وأقول إجابة عن السؤال بأن أكون أكثر شفافية اليوم وأنقل تجربتي الخاصة مع المعاناة في مراجعة فرع وزارة المياه والكهرباء في منطقة عسير، علي الرغم من أنني قد عاهدت نفسي ألا أكتب في هذا المنبر إلا ما يهم القارئ ولن يكون لمجرد نقل تجاربي الخاصة وانفعالاتي فقط، لكن لأنني متأكد أن التجربة التي مررت بها هي معاناة يمر بها كل مواطن والجميع يشتكي لنفسه بصمت، والسبب في كل هذا هو إجراءات جوفاء، وأوراق لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به، "وتتهم بها البيروقراطية وهي براء"، وموظفون لا يحسنون التعامل مع الآخر، وأهم من هذا كله هو إهمال في التحول إلى الخدمات الإلكترونية.
وسأوجز القصة في أنني كنت في حاجة إلى ربط منزلي بشبكة الصرف الصحي، وهذه الرحلة لا تعرف من أين تبدأ بها، ولا متى، فلا إعلانات منشورة ولا تعرف، هل بدأ المشروع أم لا؟ المسألة كلها تأتيك بالصدفة وأنت تقف مع جارك بعد صلاة المغرب ليخبرك أن الشركة بدأت في العمل لربط المنازل بالشبكة الرئيسة، طبعا لا تعرف ما الإجراءات والأوراق ولا هناك موقع إلكتروني يوضح لك ما يجب عليك، ومرة أخرى تأتي الصدفة ليخبرك صديق بما عليك فعله وعليك أنت أن تتوقع الباقي. تحضر نفسك جيدا بملف علاقي طبعا، وصورة الصك وصور شخصية والبطاقة والعائلة وجميع أوراق البلدية والعقد مع المقاول ومخطط البناء ثم تلملم أوراقك هذه وتذهب للفرع، لتبدأ رحلة لم تخطر على بالك أو حتى في أسوأ مناماتك.
عندما وصلت إلى مقر فرع الوزارة كان أمامي مواطن آخر يطلب الخدمة نفسها، لكن ما يميز منزله أنه مبنى واحد لكن على تصميم فلة وشقق، وقدم أوراقه "في ملف علاقي واحد" على أنها مبنى واحد فكانت المفاجأة أن الوزارة تعدّه ذلك مبنيين منفصلين لأسباب فنية وقد اقتنع بها الرجل، لكن المفاجأة كانت في طلب الموظف بأن يأتي الرجل بملف علاقي آخر وصور من الأوراق نفسها للمبنى الثاني الوهمي، حيث يصبح لكل مبنى ملف مستقل؟ لماذا؟ المبنى نفسه على الحقيقة وصاحب الطلب واحد، وعبثا حاول الرجل إقناعهم بأن تعد استمارتان في الملف نفسه ولا داع لملف علاقي جديد، لكن الإجابة هي الملف العلاقي أهم من كل هذه الأوراق ولا بد منه، خرج الرجل يبحث عن "ملف علاقي" وهو يتمتم، عندها سألت سؤالا بسيطا ـ ندمت عليه لاحقا ـ لماذا لا يكون لدى الفرع ملفات علاقي وتضاف قيمتها على الفاتورة بدلا من هذه المعاناة التي وقع الرجل فيها. لكن يبدو أن كلامي لم يأت في وقته الصحيح، فعندما تقدمت بأوراقي تم طلب ورقة عجيبة جدا وهي الإعلان الذي مع المقاول المنفذ؟
للحقيقة أصابتني الدهشة وسألت: هل أنتم جادون فعلا، وما علاقة هذا الإعلان بأوراقي، وتأتي الإجابة مملة وبائسة، نحن نعرف وأنت تحت النظام وهذا النظام على الجميع. والسؤال التالي بطبيعة الحال وهو أين أجد هذا المقاول المنفذ وهو يعمل في أحياء المدينة كلها، بل في مدن منطقة عسير الشاسعة، تأتي الإجابة بسيطة وهادئة أن علي أن أبحث عنه وللمساعدة هناك رقم جوال، تذكرت حينها برنامج البحث عن الكنز. استمرت اتصالاتي مع المقاول الشبح ساعات عدة وأنا أنتقل من حي إلى آخر ومن بيت إلى آخر، بلا جدوى، وعندما نفد صبري بدأت الأمور تسير بالشكل الصحيح وجاءني عامل من جنسية آسيوية في سيارة الشركة وهو بالكاد يحسن العربية، وبعد شرح لطلبي فهم الرجل ووضع يده في درج السيارة وسحب الإعلان العجيب منه، ثم كتب اسمي باللغة الإنجليزية على الإعلان ومنحي إياه وودعني بأدب، وهناك وقفت مدة أتأمل الموقف والورقة والرجل وحالي والمعاناة وفهمت ما قصده الشاعر، لكن كنت أسال، هل كان يقصد موظفي الوزارة؟
عدت للفرع أحمل الورقة الكنز وسألت الموظف مرة أخرى، هل فعلا هذه الورقة ضرورية وهي مجرد إعلان من الوزارة ببدء المشروع وأن على من يراجع فرع الوزارة أن يحضر معه صورة الصك، ولماذا هذا الإعلان مع الشركة المنفذة وهو صادر من فرع الوزارة، فلماذا لم يكن في الفرع، أو على باب منزلي، وإذا كانت كتابة العامل الآسيوي لاسمي باللغة الإنجليزية مهمة فلماذا لا يكون له مكتب في الوزارة بدلا من البحث عنه في أحياء المدينة؟، وكالعادة تأتي الإجابة باردة ولماذا أسأل والنظام على الجميع، قلت، حتى لا يقع مواطن آخر في معاناتي نفسها اليوم، وقد يكون كبير سن أو منشغلا جدا، لماذا لا يكون هناك موقع إلكتروني وتطبيق على الجوال سهل واضح أرفع فيه كل طلباتي وتدخل الشركة من جانبها لتكمل ما يجب استكماله ولماذا كان علي أن أقود سيارتي في رحلات مكوكية من أجل أوراق لا تساوي حبرها. في صمت ينظر الموظف، ومع صمته طلبت أن أتقدم بشكوى، ولكن لا يوجد نظام لرفع شكوى في مقر الفروع وعبثا حاولت أن أدخل على المدير، لكن لا هو ولا من ينوبه ولا أحد يعرف متى سيكون موجودا، عندها تأكدت أن الأمير الشاعر كان يعرف ما المعاناة فعلا؟
سؤال إلى هيئة مكافحة الفساد، هل هناك تعريف واضح له؟ الفساد ليس مجرد الاختلاس من أموال وأصول الدولة وممتلكاتها وليس الاستخدام السيئ للسلطة وللتكسب غير المشروع فحسب، ولكن أيضا في إجراءات تصاغ فوق حاجة الأنظمة تدفع إلى فتح المجال للواسطة حتى يستطيع الموظف أن يتجاوز هذه الإجراءات دون أن يتجاوز النظام، وسؤال آخر لوزير المياه والكهرباء عن حال هذا الفرع وغيره من الفروع ومتى كانت آخر زيارة له، وهل دخل على موقعه الإلكتروني وقام بطلب خدمة معينة من الفرع، سؤال لا أريد أن أسمع إجابته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي