لجان الشباب .. واقتصاديات فصل الصيف
انتهت الاختبارات وتفرغ الشباب وأصبح لديهم نحو 16 ساعة حرة يوميا يمكن استثمارها فيما هو مفيد لوضعهم الاقتصادي والاجتماعي والصحي والنفسي، أو يمكن أن تكون هذه الساعات وبالا عليهم وعلى المجتمع إذا لم يشغلوها بما هو مفيد إذ يمكن أن يشغلوها بما هو ضار كما يمكن أن يتم تصيّدهم من مروجي المخدرات والداعين للرذيلة والسرقة والتمرد على المجتمع والكثير من العادات السيئة، كما يمكن تصيّدهم من دعاة التطرف والإرهاب أيضا.
شغل أوقات الشباب صيفا قضية ليست جديدة وهي محل اهتمام الدولة ـــ رعاها الله ـــ والكثير من مؤسسات المجتمع المدني والشركات الخاصة التي ترى فيها فرصة تسويقية، ولقد عملت كثير من الجهات وما زالت تعمل على تحقيقها ومن ذلك وزارة التعليم، والهيئة العامة للسياحة والآثار، والرئاسة العامة لرعاية الشباب بجميع قطاعاتها وأنديتها، ومؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله "موهبة"، ومراكز تحفيظ القرآن، وكثير من شركات القطاع الخاص التي تقدم خدمات التمارين الرياضية أو ممارسة الألعاب الرياضية أو تعلمها كالسباحة والألعاب القتالية إلى غير ذلك من الجهات. هذا أمر محمود وتشكر عليه كل هذه الجهات، ونتمنى بطبيعة الحال المزيد.
ما أود التنبيه عليه هنا هو إمكانية أن تقوم اللجنة الوطنية لشباب الأعمال التابعة لمجلس الغرف ولجان الشباب التابعة للغرف التجارية في جميع المناطق باستثمار أوقات فراغ الشباب صيفا بتحقيق رؤاها ببناء جيل من القادة الشباب في مجال الأعمال والمساهمة في صنع القرار وتحقيق رسالتها كذلك بتكوين الصف الثاني من شباب الأعمال وتهيئته لتولي القيادة المستقبلية للنشاط الاقتصادي في السعودية، وذلك من خلال حصر الفرص الاستثمارية الموسمية في فصل الصيف في جميع المناطق ودعوة الشباب للاستثمار في هذه الفرص المتاحة في مناطقهم بالتعاون مع إمارة المنطقة، وأمانتها أو بلديتها، وبنك التسليف والادخار وفروعه، وصندوق المئوية، وهيئة السياحة والآثار، وشركات القطاع الخاص.
نعم أعتقد أن ذلك ممكن لو تم إعداد برنامج استراتيجي ينفذ سنويا في جميع أنحاء المملكة تحت إشراف اللجنة الوطنية لشباب الأعمال التابعة لمجلس الغرف بالتعاون مع جميع اللجان المنبثقة عنها في جميع المناطق والجهات المعنية في كل منطقة والشركات ورجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يقوم البرنامج بحصر الفرص الموسمية ودراسة متطلبات استثمارها من قبل الشباب وتوفير تلك المتطلبات ودعوة وتأهيل الشباب لاستثمارها وإرشادهم ومتابعتهم لتنمية روح مبادرة الأعمال في نفوسهم وتمكينهم من ممارستها على أرض الواقع وجني الفوائد كي يكونوا، إضافة لحمايتهم من مخاطر أوقات الفراغ، نواة لرجال أعمال المستقبل ـــ بإذن الله.
كل منطقة لديها مقوماتها الاقتصادية وفرصها الاستثمارية الموسمية خصوصا في الجوانب السياحية المتعلقة بالترفية والمطاعم والمأكولات والمشروبات في أماكن تجمعات الأسر والشباب، وكذلك هناك فرص استثمارية في مجال نقل وتسويق المنتجات الزراعية الصيفية، وفي مجال إعداد وتشغيل البرامج التنموية للأطفال والشباب من الجنسين.
لا شك أن استقطاب شباب الأعمال من جميع مناطق المملكة ودمجهم في ورش عمل لمناقشة فرص الصيف الاستثمارية الموسمية وطرح الأفكار لاستثمارها وتحفيز الشباب للانخراط فيها وفق قواعد وأصول ممارسة الأعمال، سيؤدي لتحقيق هدف اللجنة الوطنية لشباب الأعمال أيضا المتمثل في بناء جسور التواصل بين اللجنة الوطنية لشباب الأعمال وشباب الأعمال السعوديين. أنجح رجال الأعمال في السعودية والجهات الحكومية لديها الرغبة والقدرة على مساعدة شباب الأعمال، وكذلك غرس الطموح لدى الشباب، وتزويدهم بأدوات التغلب على العوائق.
الشباب يتطلعون للمشاركة في تكوين رؤية مستقبلية للتنمية الاقتصادية الوطنية، وتفعيل الاستفادة من طاقاتهم للمساهمة في تحقيقها في الوقت الذي يعانون فيه ساعات الفراغ الطويلة والمملة وندرة الأماكن الترفيهية القريبة من مساكنهم وعلينا مساعدتهم على تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم. ولا شك أن مجال المبادرة بالأعمال التجارية من أفضل المجالات التي يمكن أن يطلق الشباب طاقاتهم فيها بالتزامن مع حصولهم على فوائد مالية تغنيهم وتدعم موقفهم المالي لينخرطوا شيئا فشيئا في ممارسة الأعمال التجارية ليكونوا رجال أعمال المستقبل ـــ بإذن الله.
أذكر أن اتحاد السباحة على سبيل المثال طرح فرص تأهيل الشباب ليكونوا معلمي سباحة ومنقذين ليتمكنوا فيما بعد من استغلال أوقاتهم الحرة في جميع الفصول، وفي فصل الصيف على وجه الخصوص بالاستثمار في تعليم الأطفال السباحة وتعليم الشباب مهاراتها بتأجير مساحة في مسابح الرئاسة أو المسابح الخاصة كما هو الوضع في الدول الغربية. بكل تأكيد هذه بداية لمجالات كثيرة ولا حصر لها متى ما تبنت اللجنة الوطنية لشباب الأعمال فكرة استثمار المواسم عموما وموسم الصيف خصوصا في تنمية روح الاستثمار لدى الشباب.
يروي لي أحد رجال الأعمال في منطقة القصيم أن شابا يستثمر بالدلالة في مهرجان التمور في القصيم أصبح رجل أعمال معتبرا بعد أن بلغ دخله مئات الآلاف من الريالات في كل موسم، وكذلك الأمر في موسم الشتاء عند ظهور الفقع في بعض المناطق، حيث يجني الشباب النشط مئات الآلاف من الريالات ويحسنون من مستوى حياتهم بشكل كبير، أيضا هناك من يستثمر فصل الصيف وتجمع العائلات والشباب في أماكن محددة ويوفر لهم المشروبات والمأكولات السريعة ويجني الكثير من الأرباح وهكذا.
ختاما أتطلع إلى أن تبادر اللجنة الوطنية لشباب الأعمال في مجلس الغرف للتأسيس لبرنامج مبادري الأعمال من الشباب في المواسم وفي جميع المناطق لنمكن شبابنا من إطلاق طاقاتهم والمساهمة في مساعدة أنفسهم وأسرهم ولنهيئهم ليكونوا رجال أعمال المستقبل.
كلي ثقة بتعاون الجهات المعنية بتلك الفرص كافة ـــ بإذن الله.