أين تذهب تبرعاتكم؟
ونحن مقبلون على شهر رمضان الكريم، تزداد حاجة الناس بشكل عام إلى تقديم التبرعات المالية والزكاة امتثالا لأوامر الدين الحنيف. في السابق كانت الحياة أسهل بكثير وكان الجيران يعرفون المحتاج ممن يجاورهم ويسعون جميعا لتقديم الدعم والمساعدة له. لكن في هذا الزمن ومع زيادة التعقيد في الحياة اليومية واختلاف الطبائع بين البشر، أصبح من الصعب التعرف على الفقراء والوصول إليهم، أو حتى تحقيق عدالة توزيع الصدقات بين المحتاجين لسد حاجتهم وهذا ما يدعونا إليه الدين الإسلامي.
أصبحت الحاجة لوجود جهة راعية لتنظيم مجال التبرعات ورصد الأعمال الخيرية من أهم ضرورات هذا العصر، تجنبا لإساءة استخدام أموال المتبرعين فيما لم تخصص له. فوجود جهة تنظم عمل الجهات المستقبلة للتبرعات، وإيجاد نظام إفصاح قادر على ضمان الشفافية في تحديد مصادر الدعم وتوجيهها والاستفادة منها أصبح من أهم الاحتياجات في هذا الوقت خصوصا بعد ظهور عديد من الحالات الفردية أو المشبوهة التي تستولي على أموال المتبرعين بالحيلة والترويج لمشاريع وهمية وإعادة استخدامها فيما لم تخصص له. العبء هنا يكون على الأجهزة الرسمية التي يجب أن تضطلع بدور أكبر في حماية جميع الأطراف وتحقيق الهدف الأسمى من هذه الممارسات الشريفة.
تبنت وزارة الشؤون الاجتماعية مشروعا وطنيا لميكنة العمل الخيري في المملكة تحت مسمى "بوابة الخير الشامل" www.gg.org.sa. يوفر المشروع قناة للتواصل بين المانحين والجهات المستفيدة، ليكون قاعدة بيانات تضم عديدا من المشاريع التي تنفذها الجهات الخيرية والاجتماعية في المملكة يمكن الاطلاع عليها والتعرف عليها من أي مكان في العالم. تقدم المبادرة من خلال قاعدة المشاريع والجهات المستفيدة متضمنة بيانات الاتصال والتواصل مع جميع الجهات المسجلة لدى وزارة الشؤون الاجتماعية، من جمعيات خيرية، ومؤسسات أهلية خيرية، وجمعيات تعاونية، ولجان للتنمية الاجتماعية التي تفوق في عددها 600 جهة.
ما ينقص هذه المبادرة، وقد تحدثت عنه في عام 2012 في هذه الصحيفة، هو وجود مستوى عال من الشفافية والتحديث المباشر للمشاريع وحالات المستفيدين. بلا شك أن ضعف مستوى الشفافية وتحديث البيانات بشكل يبعث الاطمئنان لكثير من المتبرعين سيكون عائقا في العودة لهذا الموقع أو الاستفادة من خدماته. وسيفتح المجال أمام التبرعات النقدية أو العينية التي يمكن استغلالها من ضعاف النفوس بطريقة تسيء للمتبرع وتشوه الهدف الأسمى للعمل الخيري، كما أنه قد يسهم في الإساءة للوطن وأمنه بطرق مختلفة.
نثني على أصحاب المبادرة ومن تبناها، والأمل يحدونا في مستقبل مشرق يطور هذه المبادرة ويمنحها وسام المصداقية لضمان إدارة أموال المتبرعين بالطريقة السليمة ولحماية الجميع. نأمل أن يتم احتواء هذه المبادرة من قبل وزير الشؤون الاجتماعية وبمشاركة جميع الجهات الباحثة عن الدعم من أوقاف ومراكز رعاية مجتمعية.
وكل عام وأنتم بخير.