رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


للإيضاح حول دراسة نموذج المستثمر السيادي

تم التطرق في المقالة السابقة التي نشرت الأسبوع الماضي إلى قضية الصناديق السيادية. وورد في المقالة بعض الملاحظات على دراسة نماذج المستثمر السيادي Sovereign Investor Models. وقد فسر بعض الإخوة هذه الملاحظات على أنها رفض لفكرة الصناديق السيادية، على الرغم من أن المقالة أيدت الفكرة، وبينت بعض مزاياها، وأوردت في الوقت نفسه بعض الأخطار المحيطة بها. وقد وردت بعض البيانات في الدراسة، التي لم تكن دقيقة وتم ذكرها، ولكن الكثير من الإخوة أنكروا وجود هذه البيانات في الدراسة. وبعضهم سامحهم الله وجهوا بعض الاتهامات.
ويمكن لأي شخص الرجوع إلى الدراسة، حيث ورد فيها بيانات عن إيرادات المملكة النفطية التاريخية بين عامي 2000 و2011، وبالتحديد في صفحة 38 جدول A2-1. ويحتوي الجدول على تقديرات للإيرادات النفطية مبالغ فيها بعض الشيء، على الرغم من أن بيانات المملكة للإيرادات النفطية متوافرة وموجودة في المواقع الرسمية. وورد في صفحة 53 أن إجمالي الأصول في "ساما" بلغ نحو 800 مليار دولار، ولم يحدد تاريخ لهذا المبلغ. وقد بلغت الأصول أعلى مستوياتها في أغسطس عام 2014، عندما كانت 757.4 مليار دولار، وبعض هذه الأصول نقد سعودي وذهب. وقد تراجع إجمالي أصول "ساما" عند نهاية أبريل 2015 إلى 698.6 مليار دولار. وقد بلغ صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي أقصى مستوياته في أغسطس عام 2014 عندما ارتفع إلى 737.1 مليار دولار، وتراجع عند نهاية أبريل 2015 إلى 678.8 مليار دولار. وهو ما قد يشير إلى وجود عجز في الحساب الجاري بين شهري أغسطس 2014 وأبريل 2015.
وقد افترضت الدراسة في صفحة 58 عند تطبيق النموذج، أن الإنفاق كان 230 مليار دولار عام 2014، وافترضت أيضاً وجود 900 مليار دولار في الصندوقين السياديين المقترحين للاستقرار المالي والادخار في عام 2014. ورقم الإنفاق أقل مما حدث فعلا عام 2014 بنحو 65 مليار دولار. أما رقم الأصول المفترضة فهو أكبر من إجمالي أصول مؤسسة النقد العربي السعودي الأجنبية في أزهى أوقاتها. ومهما بلغت أصول المؤسسة الأجنبية، فلن تعود كل إيرادات استثمارات هذه الأصول إلى خزانة الدولة؛ لأن جزءا كبيرا من هذه الأصول يعود لإيداعات جهات أخرى غير الحكومة المركزية. وافترضت الدراسة وضع 60 في المائة من هذه الأصول في أسهم أو أصول حقيقية. ولا أعتقد أن هذا ممكن في ضوء التزامات المؤسسة، فجزء من أصول المؤسسة يعود إلى منظومتي التقاعد الحكومي والخاص وصناديق التنمية، وأي عوائد تجنى على استثمارات هذه الجهات يجب أن تعود إليها، ولا تعود إلى وزارة المالية. كما أن جزءا من هذه الودائع هو مقابل التزامات أو ديون على المؤسسة مقابل سحب السيولة من السوق المحلية، تصل إلى 398.4 مليار ريال في نهاية أبريل 2015، ويستحيل وضع هذه المبالغ في أسهم أو أصول حقيقية لتجنب أخطار خسارة جزء من قيمة هذه الالتزامات. وقد ترتب على المؤسسة نتيجةً لهذه الالتزامات تكاليف مالية، وعليها سدادها من إيرادات الاستثمارات الأجنبية. كما أن هناك مطلوبات مقابل الودائع النظامية للمصارف، ومطلوبات أخرى تزيد على 600 مليار ريال غير محددة، ويصعب وضع الأصول المقابلة لها في أصول حقيقية أو أسهم. وليس من الحكمة مرة أخرى وضع 60 في المائة من الأصول الأجنبية في أسهم أو في أصول حقيقية؛ حيث إن كثيرا من الأصول في المؤسسة هي لمقابلة التزامات تتطلب مستويات أمان وسيولة عالية، ووضعها في أصول حقيقية أو أسهم يجعل من شبه المستحيل تسييلها في الوقت المناسب. فالاحتياطات المرصودة مقابل إصدار العملة محددة بكونها ذهبا أو عملات أجنبية أو سندات يلغي إمكانية وضعها في أسهم أو أصول حقيقية. وتستخدم المؤسسة الأصول الأجنبية أيضا للدفاع عن معدل صرف الريال المثبت مع الدولار. وتتطلب هذه السياسة وجود كميات كبيرة من الأصول عالية السيولة لمواجهة أي طوارئ تهدد معدلات الصرف، التي منها احتمال تعرض الريال للمضاربة. كما أن حجم واردات المملكة من السلع والخدمات مرتفع، ويجب الاحتفاظ بجزء كبير من الاحتياطات عالية السيولة لمواجهة أخطار تراجع قيم الصادرات كما هو حاصل في الوقت الحالي.
وقد نفى بعض القراء افتراض الدراسة لأسعار نفط مرتفعة مع أن هناك رسمين بيانيين في صفحتي 59 و61 يظهران استمرار تلقي إيرادات نفطية عالية. حيث تم افتراض بقاء عائدات النفط عند معدلات حقيقية ثابتة مقدارها 270 مليار دولار في السنة للعقود القادمة في الرسم البياني الأول، بينما يظهر الرسم البياني الثاني نموا حقيقيا في الإيرادات النفطية. ولا يمكن استمرار ثبات حجم الإيرادات النفطية أو نموها خلال العقود القادمة إلا في ظل استمرار بقاء أسعار النفط مرتفعة ونموها الاسمي بمعدلات مساوية أو أعلى من معدلات التضخم خلال العقود القادمة. وتغاضى النموذج في الدراسة عن إمكانية تراجع حجم الصادرات النفطية في العقود القادمة، الذي من المتوقع حدوثه بسبب ارتفاع معدلات نمو الاستهلاك المحلي من منتجات الطاقة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي