تسهيل نقل الكفالة .. مع السعودة أم ضدها؟
لا إنكار لوجود جهود تبذل لزيادة توظيف السعوديين. رغم ذلك، فإن نمو معظم منشآت ونشاطات القطاع الخاص يعتمد كثيرا على توظيف يد عاملة غير سعودية. ذلك لأن معظم الأنشطة في القطاع الخاص تعتمد في تشغيلها إلى حد كبير جدا على اليد العاملة غير السعودية. أمثلة لا أتوقع أنها تخفى على القراء. المنشآت والمحال المنتشرة في شوارعنا شاهد على اعتماد التشغيل واعتماد النمو على غير السعوديين. ومن ثم لا غرابة أن نجد أكثرية المنشآت عندما تفكر في التوسع، فإنها تسعى إلى الحصول على تأشيرات. هذا هو خيارها الأول. وربما تجد يدا عاملة غير سعودية في الداخل عبر ما يسمى نقل الكفالة، وهذا هو الخيار الثاني. دون تحقيق أي من الخيارين، فإن تلك المنشآت غالبا لا تتوسع. ماذا يعني ذلك؟ توقف أكثرية القطاع الخاص عن النمو، وهذا يعني إضعاف نمو الاقتصاد. تلك حقائق ولو أنها مؤلمة. أمام وزارة العمل وضع صعب جدا. تسهيل الحصول على تأشيرات يعمِّق الاعتماد، ويزيد البطالة لدى المواطنين. تصعيب الحصول عليها يضعف نمو المنشآت ومن ثم نمو الاقتصاد على المديين القصير والمتوسط وربما المدى البعيد. لا تلام وزارة العمل على سياسة تصعيب إعطاء تأشيرات. يزيد السعوديون سنويا خلال سنوات هذا العقد 2010 – 2020 بنحو 450 ألف مواطن، حسب موقع مصلحة الإحصاءات العامة. ويدخل منهم سوق العمل نحو نصفهم سنويا أو يزيد قليلا على النصف، أي قرابة ربع إلى ثلث مليون مواطن سنويا. ماذا يعني ذلك من جهة التوظيف والبطالة؟ نحتاج إلى نحو ثلث مليون وظيفة سنويا، أو نحو ثلاثة ملايين وظيفة خلال السنوات العشر القادمة حتى 2025، حتى لا تزيد نسبة البطالة. ولا يتوقع أن يوفر القطاع العام أكثر من مليون وظيفة خلال هذه المدة. إننا أمام وضع تشكَّل عبر عقود من الزمن، والسياسات الحالية رغم أنها تساعد على تغييره، لكن التغيير بطيء جدا، ما يعني أولا خطر زيادة البطالة خلال السنوات القادمة، خاصة مع محاربة السعودة الوهمية وثانيا تقليص نمو القطاع الخاص.
أطرح حلا أتوقع أو أرى أنه يخفف المشكلات السابقة.
لماذا لا نتيح لكثير من العمالة، خاصة الماهرة، حرية تغيير صاحب العمل أو ما يسمى شعبيا نقل الكفالة، حرية ذلك دون إذن صاحب العمل الحالي، بعد مضي فترة زمنية، تقرر حسب مستوى مهارة الوافد وشهاداته ونحو ذلك.مثلا تعطى الحرية لأصحاب التأهيل العالي بأن يغيروا صاحب العمل (نقل الكفالة) بعد سنتين. وتعطى لأصحاب التأهيل المتوسط وللفنيين في مجالات كالكهرباء والتكييف وميكانيكا السيارات أو الشيف في المطعم أو ...إلخ، بأن يغيروا صاحب العمل بعد مضي مثلا أربع أو خمس سنوات لدى صاحب عمل. أرى أن أكبر فوائد هذا الاقتراح الحد من الطلب على الاستقدام. من يرغب في توسيع نشاطه ويرغب في توظيف سعوديين وغير سعوديين، فعنده الفرصة لأن يوظف من الداخل. لن تكون عنده حجة على الدولة وعلى وزارة العمل بعدم الحصول على تأشيرات. أمامه السوق المحلية ليوظف غير سعوديين، إلى جانب توظيف سعوديين حسب السياسات وطبيعة النشاط والظروف.
ماذا سيحصل لو طبّق الاقتراح؟ له آثار حسنة وسيئة. وللفائدة، لا يوجد اقتراح كله حسن، المهم الصافي.
أهم الآثار كما يبدو لي:
1 - إضعاف الطلب على الاستقدام.
2 - رفع تكلفة توظيف غير السعودي لأنه سيبحث عمن يعطيه راتبا وميزات أفضل.
3 - زيادة رغبة السعودي في العمل بالقطاع الخاص، لأن رفع تكلفة الوافد تقلل ميزته على توظيف السعودي.
4 - زيادة رغبة القطاع الخاص في توظيف السعوديين، لأن رفع تكلفة غير السعودي تقلل من فرق التكلفة بينه والمواطن.
مقابل التساهل في السماح بتغيير صاحب العمل، يشدد أكثر في منح التأشيرات الجديدة.