رياض الأطفال .. وماذا بعد المعايير؟

يقول الخبر الصحافي المنشور: إن وزير التعليم اعتمد مجموعة من المعايير الإنمائية، بهدف جودة التعليم المقدم في رياض الأطفال، تتعلق باللغة والمعرفة والقيم التربوية، وقبل اعتماد هذه المعايير كنت أتساءل: هل يعلم الوزير عن واقع رياض الأطفال الحالي والنمو المتواضع لرياض الأطفال في المملكة مقارنة بحجم الطلب عليها؟ وهل يعلم الوزير أن أهم مرحلة في بناء شخصية طلاب المستقبل تعاني كثيرا القيود "البيروقراطية" والأنظمة التقليدية التي تكشف عن أزمة تحتاج إلى الالتفات إليها بشكل عاجل؟
أهملت الوزارة سابقا مرحلة رياض الأطفال، ولم تلتفت إليها إلا قريبا، ولا تزال المرحلة الذهبية في منظومة التعليم رهينة لاجتهادات فردية لا يحكمها عمل مؤسسي، وضاعت في زحام أنظمة التعليم وتشعبات الإدارات الأخرى، ولم تفلح جهود "الإدارة العامة لرياض الأطفال "في إحداث النقلة التي ينتظرها المجتمع، هناك أزمة حقيقية؛ ففي كل بيت طفل أو طفلة يبحث عن مكان في روضة الأطفال ولا يجد، واضطر البعض إلى إلحاق أبنائهم بروضات متواضعة أو غير تربوية لا تقدم سوى الوهم والبحث عن الربح المادي.
الإحصائيات تقول إن الطاقة الاستيعابية لرياض الأطفال في الوقت الحالي 273313 طفلاً فقط، والروضات الحكومية والأهلية حالياً عددها 2547 روضة، وفي بلد يشهد نموا متسارعا لا أعرف ماذا يمكن أن تقدم 2500 روضة، وماذا يمكن أن تستوعب؟ هذا رقم متواضع جدا، إذا ما قارناه بعدد الطلاب الذين تم تسجيلهم في برنامج "نور" للصف الأول للعام الماضي.
طرحت الكثير من النقاشات الإعلامية السابقة حول ضرورة الارتقاء بمرحلة "رياض الأطفال" ودعمها بميزانية خاصة وكوادر مؤهلة، ومعالجة نقص عدد الروضات، ووعدت الوزارة بمعالجة الوضع، من خلال إنشاء مشروع وطني لبناء منظومة رياض أطفال حديثة تشمل 1500 روضة إضافية بشكل عاجل في كل مدن المملكة ودعمها بكادر متخصص، من خلال قصر التعيين عليها على خريجات "رياض الأطفال" فقط، لكن حقيقة لم أقرأ بعدها ما يشير إلى تنفيذ المشروع؟ ولا أعلم هل تعثر المشروع، أم ألغي، أم أنه يسير بشكل سلحفائي؟ كل ما أعرفه أنه يتم هنا وهناك في بعض المدن تأسيس بعض الروضات بشكل روتيني بطيء، ويتم توجيه فائض المعلمات غير المتخصصات لها، وهذا الإجراء لا يتناسب مع ما تحتاج إليه رياض الأطفال من تطوير وإصلاح يتناسب مع مكانتها الحقيقية في بناء أجيال الغد.
الأمر الآخر أن هناك مجموعة من الروضات المشتتة في تراخيصها بين وزارة الشؤون الاجتماعية والجمعيات الخيرية، ولا نعلم ماذا يقدم فيها، ولكنْ بالتأكيد بقاؤها خارج منظومة وزارة التعليم غير مجد، بل الأولى إخضاعها للرقابة وأنظمة التعليم التي تضمن المتابعة وجودة المخرجات.
نأمل أن يتخذ وزير التعليم وفريق عمله المتحمس تجاه رياض الأطفال ما تستحقه من اهتمام، وإطلاقها من قيود "البيروقراطية" نحو أفق الإبداع والتميز فأطفالنا يستحقون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي